" وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب " وبقوله: " إذ يبيتون ما لا يرضى من القول " بعد فقد الرسول مما يقيمون به أود باطلهم (1) حسب ما فعلته اليهود والنصارى بعد فقد موسى وعيسى من: تغيير التوراة والإنجيل، وتحريف الكلم عن مواضعه، وبقوله: " يريدون ليطفؤا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون " يعني: أنهم أثبتوا في الكتاب ما لم يقله الله ليلبسوا على الخليقة فأعمى الله قلوبهم حتى تركوا فيه ما دل على ما أحدثوه فيه، وبين عن إفكهم، وتلبيسهم وكتمان ما عملوه منه، ولذلك قال لهم: لم تلبسون الحق بالباطل، وضرب مثلهم بقوله: " فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض " فالزبد في هذا الموضع كلام الملحدين الذين أثبتوه في القرآن، فهو يضمحل، ويبطل ويتلاشى عند التحصيل، والذي ينفع الناس منه: فالتنزيل الحقيقي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه، والقلوب تقبله، والأرض في هذا الموضع فهي:
محل العلم وقراره.
وليس يسوغ مع عموم التقية التصريح بأسماء المبدلين، ولا الزيادة في آياته على ما أثبتوه من تلقائهم في الكتاب، لما في ذلك من تقوية حجج أهل التعطيل والكفر، والملل المنحرفة عن قبلتنا، وإبطال هذا العلم الظاهر الذي قد استكان له الموافق والمخالف بوقوع الاصطلاح على الايتمار لهم، والرضا بهم، ولأن أهل الباطل في القديم والحديث أكثر عدا من أهل الحق، فلأن الصبر على ولاة الأمر مفروض لقول الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وآله: " فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل " وإيجابه مثل ذلك على أوليائه، وأهل طاعته، بقوله: " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة " فحسبك من الجواب عن هذا الموضع ما سمعت، فإن شريعة التقية تخطر التصريح بأكثر منه.
وأما قوله: وجاء ربك والملك صفا صفا، وقوله: " ولقد جئتمونا فرادى " وقوله: " هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض