الرسل رسول الله صلى الله عليه وآله فيشهد بصدق الرسل، وتكذيب من جحدها من الأمم، فيقول - لكل أمة منهم -: " بلى قد جائكم بشير ونذير والله على كل شئ قدير " أي: مقتدر على شهادة جوارحكم عليكم بتبليغ الرسل إليكم رسالاتهم، كذلك قال الله - لنبيه -: " فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا فلا يستطيعون رد شهادته، خوفا من أن يختم الله على أفواههم، وأن تشهد عليهم جوارحهم بما كانوا يعملون، ويشهد على منافقي قومه، وأمته، وكفارهم بإلحادهم، وعنادهم، ونقضهم عهده، وتغييرهم سنته، واعتدائهم على أهل بيته، وانقلابهم على أعقابهم، وارتدادهم على أدبارهم، واحتذائهم في ذلك سنة من تقدمهم من الأمم الظالمة، الخائنة لأنبيائها، فيقولون بأجمعهم: " ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ظالمين ".
ثم يجتمعون في موطن آخر يكون فيه مقام محمد صلى الله عليه وآله وهو: " المقام المحمود " فيثني على الله بما لم يثن عليه أحد قبله، ثم يثني على الملائكة كلهم، فلا يبقى ملك إلا أثنى عليه محمد، ثم يثني على الأنبياء بما لم يثن عليه أحد قبله، ثم يثني على كل مؤمن ومؤمنة، يبدأ بالصديقين والشهداء، ثم الصالحين، فيحمده أهل السماوات وأهل الأرضين، فذلك قوله تعالى: " عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا " فطوبى لمن كان له في ذلك المكان حظ ونصيب، وويل لمن لم يكن له في ذلك المقام حظ ولا نصيب.
ثم يجتمعون في موطن آخر ويزال بعضهم عن بعض، وهذا كله قبل الحساب فإذا أخذ في الحساب شغل كل إنسان بما لديه، نسأل الله بركة ذلك اليوم.
قال علي عليه السلام وأما قوله: " وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة " ذلك في موضع ينتهي فيه أولياء الله عز وجل، بعدما يفرغ من الحساب، إلى نهر يسمى:
" نهر الحيوان " فيغتسلون منه، ويشربون من آخر فتبيض وجوههم، فيذهب عنهم كل أذى وقذى ووعث، ثم يؤمرون بدخول الجنة، فمن هذا المقام ينظرون إلى ربهم كيف يثيبهم، ومنهم يدخلون الجنة فذلك قول الله عز وجل - في تسليم