شيئا قليلا " (1) " إذن لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا " (2) وقوله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه " (3) وقوله: " وما أدري ما يفعل بي ولا بكم " (4) وقال: " ما فرطنا في الكتاب من شئ " " وكل شئ أحصيناه في إمام مبين " (5) فإذا كانت الأشياء تحصى في الإمام وهو وصي النبي فالنبي أولى أن يكون بعيدا من الصفة التي قال فيها: وما أدري ما يفعل بي ولا بكم، وهذه كلها صفات مختلفة، وأحوال متناقضة، وأمور مشكلة، فإن يكن الرسول والكتاب حقا فقد قلت لشكي في ذلك، وإن كانا باطلين فما علي من بأس.
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: سبوح قدوس، رب الملائكة والروح، تبارك وتعالى، هو الحي الدائم، القائم على كل نفس بما كسبت، هات أيضا ما شككت فيه قال: حسبي ما ذكرت يا أمير المؤمنين.
قال: سأنبئك بتأويل ما سألت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب، وعليه فليتوكل المتوكلون.
فأما قوله: الله يتوفى الأنفس حين موتها، وقوله يتوفاكم ملك الموت، وتوفته رسلنا، والذين تتوفاهم الملائكة طيبين، والذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم، فهو تبارك وتعالى أجل وأعظم من أن يتولى ذلك بنفسه، وفعل رسله وملائكته فعله، لأنهم بأمره يعملون، فاصطفى جل ذكره من الملائكة رسلا وسفرة بينه وبين خلقه، وهم الذين قال الله فيهم: الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس فمن كان من أهل الطاعة تولت قبض روحه ملائكة الرحمة، ومن كان من أهل المعصية تولت قبض روحه ملائكة النقمة، ولملك الموت أعوان من ملائكة الرحمة والنقمة، يصدرون عن أمره، وفعلهم فعله، وكل ما يأتون منسوب إليه، وإذا كان فعلهم فعل ملك الموت، وفعل ملك الموت فعل الله، لأنه يتوفى الأنفس على يد من