والقصد لتغيير الكتاب الذي جاء به، وإسقاط ما فيه من فضل ذوي الفضل، وكفر ذوي الكفر، منه وممن وافقه على ظلمه، وبغيه، وشركه، ولقد علم الله ذلك منهم فقال: " إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا " وقال: " يريدون أن يبدلوا كلام الله " ولقد أحضروا الكتاب كملا مشتملا على التأويل، والتنزيل.
والمحكم، والمتشابه، والناسخ، والمنسوخ، لم يسقط منه: حرف ألف ولا لام، فلما وقفوا على ما بينه الله من: أسماء أهل الحق والباطل، وأن ذلك إن أظهر نقص ما عهدوه قالوا: لا حاجة لنا فيه، نحن مستغنون عنه بما عندنا، وكذلك قال: " فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون ".
دفعهم الاضطرار بورود المسائل عليهم عما لا يعلمون تأويله، إلى جمعه، وتأليفه، وتضمينه من تلقائهم ما يقيمون به دعائم كفرهم، فصرخ مناديهم: من كان عنده شئ من القرآن فليأتنا به، ووكلوا تأليفه ونظمه إلى بعض من وافقهم على معادات أولياء الله، فألفه على اختيارهم، وما يدل للمتأمل له على اختلال تمييزهم، وافترائهم، وتركوا منه ما قدروا أنه لهم، وهو عليهم، وزادوا فيه ما ظهر تناكره وتنافره، وعلم الله أن ذلك يظهر ويبين، فقال، " ذلك مبلغهم من العلم " وانكشف لأهل الاستبصار عوارهم، وافترائهم.
والذي بدا في الكتاب من الازراء على النبي صلى الله عليه وآله من فرقة الملحدين ولذلك قال: " ويقولون منكرا من القول وزورا " ويذكر جل ذكره لنبيه صلى الله عليه وآله ما يحدثه عدوه في كتابه من بعده بقوله: " وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقى الشيطان ثم يحكم الله آياته " يعني: أنه ما من نبي تمنى مفارقة ما يعاينه من نفاق قومه، وعقوقهم، والانتقال عنهم إلى دار الإقامة، إلا ألقى الشيطان المعرض لعداوته عند فقده في الكتاب الذي أنزل عليه، ذمه، والقدح فيه، والطعن عليه، فينسخ الله ذلك من قلوب المؤمنين فلا تقبله، ولا تصغي إليه غير قلوب المنافقين، والجاهلين، ويحكم الله آياته بأن:
يحمي أوليائه من الضلال والعدوان، ومشايعة أهل الكفر والطغيان، الذين لم يرض