وعقوق الوالدين يورث (1) النكد، ويمحق العدد، ويخرب البلد، والنصيحة تجر الفضيحة (2)، والحقد يمنع الرفد (3)، ولزوم الخطيئة يعقب البلية، وسوء الرعة (4) يقطع أسباب المنفعة، الضغائن تدعو إلى التبائن، ثم أنشأ يقول:
أكلت شبابي فأفنيته * وأفنيت (5) بعد دهور دهورا ثلاثة أهلين صاحبتهم * فبادوا فأصبحت شيخا كبيرا قليل الطعام عسير القيام * قد ترك الدهر خطوي (6) قصيرا أبيت أراعي نجوم السماء * أقلب أمري بطونا ظهورا (7) فهذا طرف من أخبار المعمرين من العرب واستيفاؤه في الكتب المصنفة في هذا المعنى موجود.
وأما الفرس: فإنها تزعم أن فيما تقدم من ملوكها جماعة طالت أعمارهم فيروون: أن الضحاك صاحب الحيتين عاش ألف سنة ومائتي سنة، وإفريدون العادل عاش فوق ألف سنة، ويقولون: إن الملك الذي أحدث المهرجان عاش ألفي (8) سنة وخمسمائة سنة، استتر منها عن قومه ستمائة سنة (9).
وغير ذلك مما هو موجود في تواريخهم وكتبهم لا نطول بذكرها، فكيف يقال: إن ما ذكرناه في صاحب الزمان خارج عن العادات.