مرض كان قبلها، ولا أمر أمضاه في صحة بدنه لم يشك الناس إلا أني قد استرجعت حقي في عاقبته بالمنزلة التي كنت رجوت والعاقبة التي كنت التمست، وأن الله عز وجل سيأتيني بذلك على (أحسن) ما رجوت وأفضل ما أملت.
وكان من فعله الذي ختم به أمره أن سمى خمسة (1) أنا سادسهم لم يسق (2) واحد منهم معي قط في حال توجب له ولاية الامر من قرابة، ولا فضيلة، ولا سابقة، ولا لواحد منهم مثل واحدة من مناقبي، ولا أثر من آثاري، فصيرها شورى بيننا، وصير ابنه (3) فيها حاكما علينا وأمره بضرب أعناق الستة الذين صير فيهم إن هم أبوا أن يختاروا واحدا منهم، وكفى بالصبر على هذه.
فمكث القوم أياما كل يخطبها لنفسه، وأنا ممسك لا أقول في ذلك شيئا، فإذا سألوني عن أمري ناظرتهم في أيامي وأيامهم، وآثاري وآثارهم، وأوضحت لهم ما جهلوه من وجوه استحقاقي لها دونهم، وذكرتهم عهد رسول الله صلوات الله عليه وآله في إليهم وتأكيده ما أخذ لي من البيعة عليهم، فإذا سمعوا ذلك مني دعاهم حب الامارة وبسط الأيدي والألسن في الأمر والنهي، والركون إلى الدنيا وزخرفها إلى الاقتداء بالماضين قبلهم وتناول ما لم يجعل الله عز وجل لهم، فإذا خلى بي الواحد بعد الواحد منهم (4)، فذكرته أيام الله وما هو قادم عليه وصائر إليه، التمس مني شرط طائفة من الدنيا أصيرها له.