شرح الأخبار - القاضي النعمان المغربي - ج ١ - الصفحة ١٣٠
(نقد للطبري) حجة (1) احتج بها الطبري على بعض من خالفه في تفضيل علي عليه السلام وما عليه من الحجة مع إقراره بفضله.
ومما رواه في اثبات خلافته وامامته مما قد حكيت ذلك عنه في الباب الذي قبل هذا الباب مع تصحيحه ذلك وانه كبعض من قدمت ذكره ممن يتعاظم أن يكفر غيره ولا يتعاظم التكفير لنفسه، فمن ذلك أن كتابه الذي ذكرناه وهو كتاب لطيف بسيط ذكر فيه فضائل علي عليه السلام وذكر إن سبب بسطه إياه، إنما كان لان سائلا سأله عن ذلك لأمر بلغه عن قائل زعم أن عليا عليه السلام لم يكن شهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله حجة الوداع التي قيل أنه قام فيها بولاية علي بغدير خم (2) ليدفع بذلك بزعمه عنه الحديث.

(١) هذا أول ما في النسخة (الف) واما ما تقدم من الكتاب فقد كان ساقطا من هذه النسخة إلا أنا أكملناه بالنسخة (ب).
(٢) (الطبري وكتابه) (وهو أبو جعفر محمد بن جرير المتولد سنة ٢٢٤ ه‍ والمتوفى ٣١٠ كتابه: الولاية في طرق حديث الغدير.
وقد روى فيه من نيف وسبعين طريقا. قال الحموي في معجم الأدباء ١٨ / ٨٠ في ترجمة الطبري: له كتاب فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه تكلم في أوله بصحة الأخبار الواردة في غدير خم، ثم تلاه بالفضائل ولم يتم. وقال في ص ٧٤: وكان إذا عرف من إنسان بدعة أبعده وأطرحه، وكان قد قال بعض الشيوخ ببغداد بتكذيب غدير خم، وقال: إن علي بن أبي طالب كان باليمن في الوقت الذي كان رسول الله صلى الله عليه وآله بغدير خم وقال هذا الانسان في قصيدة مزدوجة يصف فيها بلدا بلدا ومنزلا منزلا أبياتا يلوح فيها إلى معنى (حديث غدير خم) فقال:
ثم مررنا بعد بغدير * خم كم قائل فيه بزور رجم.
على علي والنبي الأمي وبلغ أبا جعفر ذلك فابتدأ بالكلام في فضائل علي بن أبي طالب عليه السلام وذكر طريق حديث خم فكثر الناس لاستماع ذلك واستمع قوم من الروافض من بسط لسانه بما لا يصلح في الصحابة ره.
فابتدأ بفضائل أبي بكر وعمر.
وقال الذهبي في طبقاته (٢ / ٢٥٤): لما بلغ (محمد بن جرير الطبري) ان ابن داود تكلم في حديث غدير خم عمد كتابه الفضائل وتكلم في تصحيح الحديث.
وقال السيد ابن طاووس في الاقبال: ومن ذلك ما رواه محمد بن جرير الطبري صاحب التاريخ الكبير صنفه وسماه كتاب الرد على الحرقوصية. روى حديث يوم الغدير وروى ذلك. من خمس وسبعين طريقا). الغدير ١ / ١٥٣.
وقال الشيخ آغا بزرگ الطهراني في الذريعة إلى تصانيف الشيعة ١٦ / ٣٥ حول شخصية الطبري وكتابه ما نصه:
(كتاب غدير خم وشرح أمره كما عبر عنه كذلك في الفهرست وفي تهذيب التهذيب وفي معالم العلماء وقال هذا بعد ذلك وسماه كتاب الولاية. وقال النجاشي: ذكر طرق خبر يوم الغدير، وصرح الجميع بأنه لأبي جعفر محمد بن جرير العامي صاحب التاريخ والتفسير الذي توفي سنة ٣١٠ ه‍ ومر رده على الحرقوصية.
أقول: ظاهر توصيف هذا الكتاب وتسميته ب‍ (كتاب الولاية) وكذا رد الحرقوصية لا يلائم مذهب أبي جعفر الطبري العامي بشهادة كلماته في تاريخه وتفسيره بل المظنون أنها لأبي جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري الامامي المعاصر لصاحب الترجمة وهو مصنف كتاب المسترشد في الإمامة وإنما وقع الخلط من اتحاد الاسم والكنية واسم الأب والنسبة، ويدل عليه عدم ذكر ابن النديم هذين الكتابين للطبري العامي مع بسطه القول في ترجمته وتصانيفه، وترجمة تلاميذه وناصريه في مذهبه المعروف بمذهب أبي جعفر الطبري في قبائل سائر المذاهب كما وقع لابن النديم خلط في نسبة المسترشد إلى هذا العامي مع أن في كل صفحة منه ردود على العامة. مع أن الذي نسب كتاب الغدير إلى العامي في طريق الفهرست، هو أبو بكر بن أحمد بن كامل الذي هو على مذهب أستاذه أبي جعفر العامي، ونصر مذهبه، ومخلد والد أبي إسحاق إبراهيم بن مخلد الغير المذكور في رجالنا، ولعله أيضا عامي.
ومن تأليفات الطبري - الأخرى - الآداب الحميدة، الايضاح، دلائل الأئمة، المسترشد، غريب القرآن. فضائل أمير المؤمنين).
والذي يؤيد كلام الشيخ آغا بزرگ ما نقله الأمين العاملي في أعيان الشيعة المجلد 9 / 199 بعد ذكر الكلمات التي أوردها ابن أبي الحديد جوابا عن كلام المرتضى في الشافي ما لفظه: وأما الاخبار التي رواها عن عمر فأخبار غريبة ما رأيناها في الكتب المدونة. وما وقفنا عليها إلا من كتاب المرتضى، وكتاب آخر يعرف بكتاب المستبشر لمحمد بن جرير الطبري وليس ابن جرير صاحب التاريخ بل هو من رجال الشيعة. والعجب من الشيخ آغا بزرگ رحمه الله أنه عاد (في نفس الجزء 16 / 256) ونسب تأليف فضائل أمير المؤمنين إلى الطبري العامي واستدل بقول الحموي في معجم الأدباء.
قد ذكر كارل بروكلمان في كتابه: (تاريخ الأدب العربي 3 / 45) ترجمة محمد بن جرير الطبري، وادعى أنه كان صاحب مذهب فقهي وسرد مؤلفاته ولم يتعرض إلى هذا الكتاب.
والخلاصة: أن أبا جعفر محمد جرير الطبري الآملي، المعروف بهذا الاسم رجلان من كبار العلماء: أحدهما محمد بن جرير بن يزيد المولود في آمل طبرستان والساكن في بغداد المفسر والمحدث والمؤرخ والفقيه من أئمة أهل السنة.
والثاني محمد بن جرير بن رستم الطبري الآملي من أكابر علماء الإمامية في المائة الرابعة ومن أجلاء الأصحاب - وهو ثقة -.
(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة المؤسسة 3
2 مقدمة المحقق 5
3 المؤلف والكتاب 17
4 محتويات الجزء الأول خطبة الكتاب 87
5 قوله صلى الله عليه وآله وسلم: أنا مدينة العلم وعلي بابها 89
6 قوله صلى الله عليه وآله وسلم: أقصاكم علي 91
7 قوله صلى الله عليه وآله وسلم: علي مني وأنا من علي 93
8 قوله صلى الله عليه وآله وسلم: أنت مني بمنزلة هارون من موسى 97
9 قوله صلى الله عليه وآله وسلم: من كنت مولاه فعلي مولاه 99
10 علي عليه السلام كنفس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم 111
11 قوله صلى الله عليه وآله وسلم: علي مني يؤدي ديني ويقضي عداتي 113
12 علي عليه السلام أمير المؤمنين والوصي والخليفة 116
13 نقد للطبري 130
14 إشراكه في الهدي 134
15 مناقب أمير المؤمنين عليه السلام 137
16 عائشة تعترف بفضله 140
17 حب الرسول له 143
18 الحسين وعبد الله بن عمرو بن العاص 145
19 علي حبيب الرسول 147
20 ما جاء في من ذم عليا عليه السلام أو أبغضه 151
21 خطبة علي على منبر الكوفة 159
22 بغض أهل البيت عليه السلام 161
23 صعصعة مع معاوية 170
24 محتويات الجزء الثاني سبق علي عليه السلام إلى الاسلام 177
25 اختصاص علي عليه السلام بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم 188
26 تفضيل علي عليه السلام 195
27 إطاعة علي عليه السلام وعدم مفارقته 216
28 ولاية علي عليه السلام 219
29 محتويات الجزء الثالث جهاد علي عليه السلام 253
30 غزوة بدر 262
31 غزوة أحد 267
32 غزوة حمراء الأسد 283
33 غزوة الخندق 287
34 غزوة خيبر 301
35 فتح مكة 304
36 غزوة بني جذيمة 309
37 غزوة حنين 311
38 سرايا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم 320
39 أحاديث في الجهاد 327
40 محتويات الجزء الرابع فصل في الناكثين والقاسطين والمارقين 337
41 فصل في الأمر بقتل الناكثين والقاسطين والمارقين 337
42 فصل في اعتراض عائشة وحفصة على عمل عثمان 341
43 فصل في المواطن التي امتحن بها علي عليه السلام بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم 345
44 من منابع الاختلاف 363
45 خطبة علي بعد بيعته 369
46 حرب الجمل 376
47 حرب الصفين 405
48 تخريج الأحاديث 417