حملته تحمله، ورأيت أهل بيته بين جازع لا يملك جزعه ولا يضبط نفسه ولا يقوى على حمل فادح (1) ما نزل بي قد أذهب الجزع صبره، وأذهل عقله، وحال بينه وبين الفهم والافهام، وبين القول والاستماع، وسائر بني عبد المطلب بين معز لهم يأمر بالصبر، وبين مساعد لهم بالبكاء، وجازع لهم لجزعهم.
وحملت نفسي على الصبر عند وفاته، ولزمت الصمت والاخذ فيما أمرني به من تجهيزه، وغسله وتحنيطه، وتكفينه، والصلاة عليه، ووضعه في حضرته وجمع أمانة الله، وكتابه، وعهده الذي حملناه إلى خلقه، واستودعناه لهم، لا يشغلني عن ذلك بادر دمعة (ولا هائج زفرة) ولا لاذع حرقة (2) ولا جليل مصيبة حتى أديت في ذلك الواجب لله ولرسوله علي، وبلغت منه الذي أمرني به رسول الله صلوات الله عليه وآله (3).
وقد كان رسول الله صلوات الله عليه وآله أمرني في حياته على جميع أمته، وأخذ لي على من حضرني منهم البيعة بالسمع والطاعة لامري، وأمرهم أن يبلغ الشاهد منهم الغائب، وكنت المؤدي إليهم عن رسول الله أمره لا يختلج (4) في نفسي منازعة أحد من الخلق لي في شئ من الامر في حياة رسول الله صلوات الله عليه وآله ولا بعد وفاته.
ثم أمرهم رسول الله صلوات الله عليه وآله بتوجيه الجيش الذي وجه مع أسامة عند الذي حدث به من المرض الذي توفاه الله فيه فلم يدع