مقدمة المحقق بسم الله الرحمن الرحيم الحقائق التاريخية هي منتهى آمال الباحثين ومطمع انظار المحققين، فمن خلال الدراسة والتحقيق يتم التعرف على مدى ثقافة وعظمة الأمم السالفة لمعرفة وتثمين وتقصي النقاط الايجابية منها. بيد أن الدوافع المادية والنزعات القبلية لذوي النفوس الشريرة فرضت بأساليب مختلفة وطرق متباينة من ترغيب و ترهيب وتطميع وتعذيب لتدوين التاريخ المتداول ملائما لميولها ومنسجما مع أغراضها ومجانسا لمأربها ومشبعا لرغباتها، فلو كان التاريخ على حقيقته لكشف لنا الكثير من نتائج المعادلات المجهولة التي لو كانت لدينا لحصلنا واكتسبنا مزيدا مما نروم إليه في حياتنا العلمية وتعاملنا وتفاعلنا مع الحوادث والافراد والأمم بالشكل الموضوعي الموصل بالمجتمع إلى الخير والسعادة والتقدم والازدهار وتجنبنا المزيد من عوامل التخلف والشقاء والتفرق، ومن البديهي - الغير القابل للجدل - أن يحاول المستبدون والجبابرة والمستعمرون بالإضافة إلى طمس المعالم الخلقية والظواهر الطيبة والبوادر الخيرة لأجل تمرير أحقادهم وتسييب شعوبهم وتحكيم موقعهم منطلقين من مبادئهم وآرائهم التي تمخضت عن تلكم النتائج البغيضة، فرغم توليد الأحقاد وتباعد الشعوب والافراد حرمان الأجيال القادمة من الارتواء من معرفة أسلافهم إلا النزر القليل الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، وأوضح مصداق وأكبر برهان لما
(٥)