حتى أتوا بها بلدة قليلة عقولهم وعارية آراؤهم.
فوقفت من أمرهم على اثنتين (1) - كلاهما فيهما المكروه -: إن كففت لم يرجعوا، وإن أقدمت كنت قد صرت إلى الذي كرهته، فقدمت الحجة في الاعذار والانذار، ودعوت المرأة إلى الرجوع إلى بيتها، والقوم الذين حملوها على الذي حملوها عليه إلى الوفاء ببيعتهم والترك لنقضهم عهد الله وأعطيتهم من نفسي كل الذي قدرت عليه منها، وناظرت بعضهم فانصرف (2)، وذكرته فذكر.
ثم أقبلت على الباقين بمثل ذلك فما ازدادوا إلا جهلا، وتماديا، وعتوا وأبوا إلا ما صاروا إليه، وكانت عليهم الدائرة (3) والكرة وحلت بهم الهزيمة والحسرة وفيهم الفناء. وحملت نفسي على التي لم أجد منها بدا، ولم يسعني إذ تقلدت الامر آخرا مثل الذي وسعني فيه أولا من الاغضاء والامساك.
ورأيت أني إن أمسكت كنت معينا لهم على ما صاروا إليه بإمساكي، وما طمعوا فيه من تناول الأطراف وسفك الدماء وهلاك الرعية وتحكيم النساء الناقصات العقول على الرجال كعادة بني الأصفر (4) ومن مضى من ملوك سباء (5) والأمم الخالية. فأصير إلى ما