الحارث (1)، وإني أريد أن أسألك عن أشياء فأمر حاجبك ألا يحجبني.
فقال: يا وثاب، إذا جاءك هذا الحارثي، فأذن له.
قال: فكنت إذا جئت، قال: من هذا؟ فقلت: الحارثي. اذن لي.
فجئت يوما فقرعت الباب. فقال: من ذا؟ فقلت: الحارثي، فقال:
ادخل. فدخلت، فإذا عثمان جالس وحوله نفر من أصحاب النبي (2) صلوات الله عليه وآله سكوت لا يتكلمون كأن على رؤوسهم الطير، فسلمت، ثم جلست ولم أسأله عن شئ لما رأيت من حالهم، فبينا أنا كذلك إذ جاء نفر، فقالوا: أبى أن يجئ. فغضب عثمان، وقال:
أبى أن يجئ؟! اذهبوا فجيئوا به! فإن أبى أن يجئ فجروه جرا فمكثت قليلا، وانصرفوا فجاء معهم رجل آدم طوال أصلع في مقدم رأسه شعرات (وفي قفائه شعرات).
فقلت: من هذا؟ فقالوا: عمار بن ياسر. فقال له عثمان: أنت الذي تأتيك رسلنا، فتأبى أن تأتي؟، فكلمه عمار بن ياسر بشئ لا أدري ما هو، ثم خرج، فما زلوا ينفضون من حوله حتى ما بقي أحد (معه غيري).
فقام عثمان وقمت معه حتى أتى المسجد، فإذا عمار بن ياسر جالس إلى سارية من سواري المسجد، وحوله نفر من أصحاب رسول الله صلوات الله عليه وآله وهو يحدثهم، وهم يبكون.