ينتدب منه إلى اقتحام الخندق على رسول الله صلوات الله عليه وآله، فانتدب لذلك عمرو بن عبد ود وكان أشد من فيهم وأنجدهم يعرف له ذلك جميعهم، وكان عمرو بن عبد ود قد شهد بدرا مع المشركين وأثخن جراحة ونجي بنفسه فيمن نجا ولم يشهد أحدا فأراد أن يبين بنفسه من قريش من أبطالهم بما يفعله فتعلم بعلامة ليشهر نفسه وجاء فيمن قصده من بين قريش من أبطالهم ورجالهم.
وكان ذلك بعد أن أقاموا شهرا لم يكن بينهم قتال إلا نضح بالنبل ورمي بالحجارة من وراء الخندق، فجاء القوم إلى الخندق، فمشوا حوله، حتى أتوا إلى موضع ضيق منه، فأقحموا خيلهم فيه، فدخلوا، ووقف الجميع من وراء الخندق ينتظرون ما يكون منهم، وثبت الناس في معسكرهم حسبما أمرهم به رسول الله صلوات الله عليه وآله ولما تداخلهم من الخوف وما عاينوه من الجموع.
وقد أرسل رسول الله صلوات الله عليه وآله إلى عيينة بن حصن، فبذل له ثلث ثمرة المدينة في ذلك العام على أن يرجع عنه بغطفان لما رآه من جزع المسلمين وفساد المنافقين وما تخوفه من أن يكون المكروه، ولان المسلمين قد صاروا إلى حيث وصفهم الله عز وجل في كتابه بقوله: ﴿إذ جاؤكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا. هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا. وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا﴾ (1). فلم ينعقد بين رسول الله صلوات الله عليه وآله وبين عيينة بن حصن في ذلك عقد، وسمعت به الأنصار وجالت أكثر