وانتهى أمرهم إلى رسول الله صلوات الله عليه وآله فأمر بحفر الخندق على المدينة وما والاها مما يحتاج إلى حياطته والتفسح فيه، فبادر المسلمون إلى ذلك، وكان من بعضهم فيه تقصير فعمل فيه رسول الله صلوات الله عليه وآله بيده، وكان علي صلوات الله عليه وشيعته أكثر الناس عناء، وفيه عملا، وكان في ذلك من الاخبار ما يطول ذكره. فلم تأت جموع الأحزاب إلا بعد أن فرغ رسول الله صلوات الله عليه وآله منه فأناخوا حول المدينة من كل جانب وخرج إليهم اليهود وبعض من كان منهم قد حالف رسول الله صلوات الله عليه وآله حلفه - وهم بنو قريظة - وصاروا مع الأحزاب إلبا على رسول الله صلوات الله عليه وآله، فأرجف المنافقون من أهل المدينة لذلك.
وأمر رسول الله صلوات الله عليه وآله المسلمين بالثبات في مكانهم ولزوم خندقهم وبادخال النساء والولدان والضعفاء من الرجال في أطام المدينة وحصونها لتسكن أنفسهم ووعدهم نصر الله عز وجل إياهم.
ونظر المشركون إلى الخندق فتهيبوا القدوم عليه ولم يكونوا قبل ذلك رأوا مثله، وقالوا إن هذه لمكيدة ما كانت العرب تعرفها، فجعلوا يدورون حوله بعساكرهم وخيلهم ورجلهم ويدعون المسلمين ألا هلم للقتال والمبارزة، فلا يجيبهم أحد إلى ذلك ولا يرد عليهم فيه شيئا ولزموا مواضعهم كما أمرهم رسول الله صلوات الله عليه وآله قد عسكروا في الخندق وأظهروا العدة والبسوا السلاح ووقفوا في مواقفهم وتهيب المشركون أن يلجوا الخندق عليهم.
فلما طال ذلك بهم ونفذت أكثر أزوادهم (1) اجتمعوا وندبوا من