تطايروا منها حوله، وأخذ حربة كانت بيد أحدهم، ثم استقبله، فطعنه بها - طعنة في عنقه - كاد أن يسقط لها عن فرسه، وولي هاربا. وكان قد لقي رسول الله صلوات الله عليه بمكة، فقال: يا محمد، والله لان لم تنته عما أنت عليه لأقتلنك، فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله إليه، وقال، بل أنا والله أقتلك يا أبي فلما لحق بأصحابه جعل يتغاشي (1). فقالوا له: ما بك، وما الذي أرعب فؤادك؟؟ وإنما هو خدش. قال: ويحكم، إنه قال لي بمكة: أنا أقتلك.
فوالله لو بصق علي لقتلني. فمات عدو الله بسرف (2)، وهم قافلون (3) إلى مكة.
وقيل: إن رسول الله صلوات الله عليه وآله صلى الظهر يوم أحد جالسا لما به من ألم الجراح، ولم يستطع القيام، وصلى معه من كان من المسلمين جلوسا.
قالوا: ولما لم يجد المشركون من رسول الله صلوات الله عليه وآله ما أرادوه كفوا واحتجزوا، وبقى رسول الله صلوات الله عليه وآله بالشعب (4) من أحد.
وتسامع الناس بأنه حي لم يمت فأتاه كثير منهم وأتاه عمر فيمن أتاه وتحدث المشركون بأن رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم قد قتل، وأتى ابن قميئة أبا سفيان، وقال: أنا قتلته!، فركب أبو سفيان فرسه، وأتى نحو الشعب، فوقف عن بعد منه ونظر إلى عمر بن الخطاب. فدعاه، فقال له رسول الله صلوات الله عليه وآله: قم، فانظر ما يريد. فوقف إليه عمر، فقال له أبو سفيان:
أناشدك الله يا عمر أقتلنا محمدا؟
قال: اللهم لا، وانه ليسمع الآن كلامك!.