لما خلق الله تعالى الدنيا أمرها بطاعته، فأطاعت ربها فقال لها: خالفي من طلبك، ووافقي من خالفك، وهي على ما عهد الله إليها وطبعها بها ".
[13478] 15 محمد بن أحمد الفتال في روضة الواعظين: روي أنه قال رجل للنبي (صلى الله عليه وآله): [يا رسول الله] (1) علمني شيئا إذا أنا فعلته أحبني الله من السماء، وأحبني الناس من الأرض، فقال له: " ارغب فيما عند الله عز وجل يحبك الله، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس ".
[13479] 16 وعن أمير المؤمنين (عليه السلام)، أنه قال في خطبة طويلة:
" أيها الناس إنما الناس ثلاثة: زاهد وراغب وصابر، فأما الزاهد فلا يفرح بشئ من الدنيا أتاه، ولا يحزن على شئ منها فاته، وأما الصابر فيتمناها بقلبه، فإن أدرك منها شيئا صرف عنها نفسه لما يعلم من سوء عاقبتها، وأما الراغب فلا يبالي من (حل أصابها أم) (1) من حرام ".
[13480] 17 وعنه (عليه السلام) قال: " الزهد ثروة والورع جنة، وأفضل الزهد إخفاء، الدهر (1) يخلق الأبدان، ويحدد الآمال، ويقرب المنية، ويباعد الأمنية، من ظفر به نصب، ومن فاته تعب، ولا كرم كالتقوى، ولا تجارة كالعمل الصالح، ولا ورع كالوقوف عند الشبهة، ولا زهد كالزهد في الحرام، الزهد كله بين كلمتين: قال الله تعالى: * (لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتيكم) * (2) فمن لم يأس على الماضي ومن لم يفرح بالآتي، فقد أخذ الزهد بطرفيه، أيها الناس، الزهادة قصر الامل،