إسحاق بن نوح، عن محمد بن علي، عن سعيد بن زيد بن عمرو (2) بن نفيل قال: سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يقول وأقبل على أسامة بن زيد فقال: " يا أسامة، عليك بطريق الحق، وإياك أن تختلج دونه بزهرة (3) رغبات الدنيا، وغضارة نعيمها، وبائد سرورها، وزائل عيشها إلى أن قال (عليه السلام) ألا ولا تقوم الساعة حتى يبغض الناس من أطاع الله، ويحبون من عصى الله، فقال عمر: يا رسول الله، والناس يومئذ على الاسلام! قال: وأين الاسلام يومئذ يا عمر! المسلم يومئذ كالغريب الشريد، ذاك الزمان يذهب فيه الاسلام ولا يبقى إلا اسمه، ويندرس (4) فيه القرآن ولا يبقى إلا رسمه، فقال عمر: يا رسول الله، وفيما يكذبون من أطاع الله ويطردونهم ويعذبونهم؟ فقال: يا عمر، تركوا (5) القوم الطريق، وركنوا إلى الدنيا، ورفضوا الآخرة، وأكلوا الطيبات، ولبسوا الثياب المزينات، وخدمهم أبناء فارس والروم، فهم يغتدون (6) في طيب الطعام، ولذيذ الشراب، وذكي الريح، ومشيد البنيان، ومزخرف البيوت، ومنجدة (7) المجالس، ويتبرج الرجل منهم كما تبرج المرأة لزوجها، وتتبرج النساء بالحلي والحلل المزينة، زيهم يومئذ زي الملوك الجبابرة، يتباهون بالجاه واللباس، وأولياء الله عليهم العباء شاحبة (8) ألوانهم من السهر، ومنحنية أصلابهم من القيام، قد لصقت [بطونهم] (9) بظهورهم
(٥٧)