فقال له قائل: يا أمير المؤمنين، لو استنفرت الناس، فقام وخطب - إلى أن قال - فقال ابن قيس وغضب من قوله: فما منعك يا بن أبي طالب حين بويع أبو بكر أخو تيم، وأخو بني عدى بن كعب، وأخو بني أمية بعدهم، أن تقاتل وتضرب بسيفك؟ - إلى أن قال - فقال (عليه السلام): (يا بن قيس اسمع الجواب، لم يمنعني من ذلك الجبن، ولا كراهة للقاء ربي، وأن لا أكون أعلم أن ما عند الله خير لي من الدنيا والبقاء فيها، ولكن منعني من ذلك أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعهده إلى، أخبرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) بما الأمة صانعة بعده، فلم أك بما صنعوا حين عاينته بأعلم ولا أشد استيقانا مني به قبل ذلك، بل أنا بقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) أشد يقينا مني بما عاينت وشهدت، فقلت: يا رسول الله فما تعهد إلي إذا كان ذلك؟ قال: إن وجدت أعوانا فانبذ إليهم وجاهدهم، وإن لم تجد أعوانا فكف يدك واحقن دمك، حتى تجد على إقامة الدين وكتاب الله وسنتي أعوانا، وأخبرني أن الأمة ستخذلني وتبايع غيري، وأخبرني أني منه بمنزلة هارون بن موسى، وأن الأمة سيصيرون بعده بمنزلة هارون ومن تبعه والعجل ومن تبعه، إذ قال له موسى: ﴿يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعن أفعصيت أمري قال يا بن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي﴾ (1) وإنما يعني أن موسى أمر هارون حين استخلفه عليهم إن ضلوا فوجد أعوانا أن يجاهدهم، وإن لم يجد أعوانا أن يكف يده ويحقن دمه ولا يفرق بينهم، وإني خشيت أن يقول ذلك أخي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، لم فرقت بين الأمة ولم ترقب قولي؟ وقد عهدت إليك أنك إن لم تجد أعوانا، أن تكف يدك وتحقن دمك ودم أهلك وشيعتك.
فلما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) مال الناس إلى أبي بكر فبايعوه، وأنا مشغول برسول الله (صلى الله عليه وآله) بغسله