فجرى الكلام حتى قيل (له) (١): لم لا حاربت أبا بكر وعمر، كما حاربت طلحة والزبير ومعاوية؟ فقال (عليه السلام): (إني كنت لم أزل مظلوما مستأثرا على حقي) فقام إليه أشعث بن قيس فقال: يا أمير المؤمنين، لم لم تضرب بسيفك وتطلب بحقك؟ فقال: (يا أشعث، قد قلت قولا فاسمع الجواب وعه واستشعر الحجة، إن لي أسوة بستة من الأنبياء (صلوات الله عليهم أجمعين): أولهم نوح (عليه السلام) حيث قال: ﴿إني مغلوب فانتصر﴾ (٢) فإن قال قائل: إنه لغير خوف، فقد كفر، وإلا فالوصي أعذر، ثانيهم لوط (عليه السلام) حيث قال: ﴿لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد﴾ (٣) فإن قال قائل: إنه قال لغير خوف، فقد كفر، وإلا فالوصي أعذر، وثالثهم إبراهيم خليل الله (عليه السلام)، حيث قال:
﴿واعتزلكم وما تدعون من دون الله﴾ (٤) فإن قال قائل: إنه قال هذا لغير خوف، فقد كفر، وإلا فالوصي أعذر، ورابعهم موسى (عليه السلام) حيث قال: ﴿ففررت منكم لما خفتكم﴾ (٥) فإن قال قائل أنه قال هذا لغير خوف، فقد كفر وإلا فالوصي أعذر، وخامسهم أخوه هارون حيث قال: ﴿ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني﴾ (6) فان قال قائل:
إنه قال لغير خوف، فقد كفر، وإلا فالوصي أعذر، وسادسهم أخي محمد (صلى الله عليه وآله) سيد البشر، حيث ذهب إلى الغار ونومني على فراشه، فإن قال قائل: إنه ذهب إلى الغار لغير خوف، فقد كفر، وإلا فالوصي أعذر) فقام إليه الناس بأجمعهم، فقالوا: يا أمير المؤمنين قد علمنا أن القول قولك، ونحن المذنبون التائبون وقد عذرك الله.