إلى الله سبحانه، فإنه يقول: وعزتي وجلالي، لا قطعن أمل كل من يؤمل غيري باليأس، ولأكسونه ثوب المذلة في الناس، ولأبعدنه من قربي، ولأقطعنه عن وصلي، ولأخلين (٢) ذكره حين يرعى غيري، أيؤمل ويله لشدائده غيري؟ وكشف الشدائد بيدي، ويرجو سواي وأنا الحي الباقي، ويطرق أبواب عبادي وهي مغلقة، ويترك بابي وهو مفتوح، فمن ذا الذي رجاني لكثير جرمه فخيبت رجاءه؟ جعلت آمال عبادي متصلة بي، وجعلت رجاءهم مذخورا لهم عندي، وملأت سماواتي ممن لا يمل تسبيحي، وأمرت ملائكتي أن لا يغلقوا الأبواب بيني وبين عبادي، ألم يعلم من فدحته نائبة من نوائبي، أن لا يملك أحد كشفها إلا بإذني؟ فلم يعرض العبد بعمله (٣) عني؟ وقد أعطيته ما لم يسألني، فلم يسألني وسأل غيري، أفتراني ابتدئ خلقي من غير مسألة ثم أسأل فلا أجيب سائلي!؟ أبخيل أنا فيبخلني عبدي!؟ أوليس الدنيا والآخرة لي!؟ أوليس الكرم والجود صفتي!؟ أوليس الفضل والرحمة بيدي!؟ أوليس الآمال لا تنتهي إلا إلي؟ فمن يقطعها دوني؟ وما عسى أن يؤمل المؤملون من سواي؟ وعزتي وجلالي، لو جمعت أمال الأرض والسماء، ثم أعطيت كل واحد منهم، ما نقص من ملكي بعض عضو الذرة، وكيف ينقص نائل أنا أفضته!؟ يا بؤسا للقانطين من رحمتي، يا بؤسا لمن عصاني وتوثب على محارمي، ولم يراقبني واجترأ علي).
[١٢٨٠١] ٣ - العياشي في تفسيره: عن طربال، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: (لما أمر الملك بحبس يوسف في السجن، ألهمه الله علم تأويل الرؤيا - إلى أن قال - ثم قال للذي ظن أنه ناج منهما: اذكرني عند ربك، قال: فلم يفزع في حاله إلى الله فيدعوه، فلذلك قال الله:
﴿فأنسيه الشيطان﴾ (1) الآية، قال: فأوحى الله إلى يوسف في ساعته