(ثم وضع يده على صدري ودعا الله لي أن يملأ قلبي علما وفهما وحكما ونورا) التركيب من باب ملأت الإناء ماء ففاعل يملأ ضمير يعود إلى الله، وقلبي مفعوله وعلما وما عطف عليه تمييز له وهو بحسب المعنى فاعل أي يملأ العلم قلبي، والفهم في اللغة العلم، قال الجوهري: فهمت الشيء فهما علمته.
والأظهر أن المراد به هنا جودة الذهن وكمال قوته لاستخراج المطالب، والحكم بضم الحاء وسكون الكاف العلم الكامل المانع من العود إلى الجهل والسفه الزاجر عنهما قطعا وبكسر الحاء وفتح الكاف جمع الحكمة وهي بمعنى الحكم والأول أنسب للتوافق بينه وبين غيره من المنصوبات في الأفراد، وقد تفسر الحكمة بالعلم بأعيان الموجودات على ما هي عليه بقدر الطاقة وقد تفسر أيضا بالعلم بالشرائع النبوية، والنور هو الضياء وبعبارة اخرى هو الظاهر في نفسه المظهر لغيره، ولعل المقصود أنه طلب لقلبه اللطيف وذهنه الشريف ضياء الحق ودعا الله أن يستعمله في طريق الحق ويجعل تصرفه وتقلبه على سبيل الصواب والخير، وقد يراد بالنور العلم على سبيل الاستعارة لكن إرادة هذا المعنى هنا يوجب التكرار.
(فقلت: يا نبي الله بأبي أنت وامي) الباء للتفدية، وهي في الحقيقة باء العوض وفعلها محذوف والتقدير: أبي وأمي.
(منذ دعوت الله لي بما دعوت لم أنس شيئا ولم يفتني شيء لم أكتبه).
(أفتتخوف علي النسيان فيما بعد؟ فقال: لا لست أتخوف عليك النسيان والجهل) الفاء (1) في قوله فقلت: دلت على أن هذا السؤال وقع عقب هذا الدعاء بلا فصل، والغرض منه إظهار الشكر على إجابة الدعاء المذكور أولا وطلب العلم بأن سبب هذا الدعاء هل هو التخوف على النسيان فيما بعد أو غيره كالتأكيد والمبالغة في استثبات علمه وفهمه وفي علمه بذلك اطمئنان لقلبه الطاهر النقي حيث إن الجهل والنسيان عليه محال في الاستقبال وإذا عرفت أنه (عليه السلام) كان عالما