يستفاد من الرواية الاخرى لا ينافي ثبوت الأجر وترتبه على الأخذ بالثاني والله أعلم. قال بعض الأفاضل: لما كان العمل بالتقية كبيرا إلا على من خصه الله بنور من المعرفة وهداه إلى طريق الحق استكشف (عليه السلام) عن باطن الرجل واستفهم عن قوله لو أفتي رجلا من الشيعة بشيء من التقية ثم لما أظهر الرجل الطاعة والانقياد في كل ما أفتى وأمر قال حق القول فيها وهو وجوب العمل بالتقية وحصول الأجر العظيم بالأخذ بها.
أقول: هذا الرجل وهو أبو عبيدة الحذاء الكوفي واسمه زياد بن عيسى كان ثقة صحيحا كما صرح به أصحاب الرجال وكان حسن المنزلة عند آل محمد (عليهم السلام) وكان زامل أبا جعفر (عليه السلام) إلى مكة، وكان له كتاب يرويه عنه; وعن علي بن رئاب كما صرح به النجاشي فحال باطنه وحسن اعتقاده وانقياده كانت معلومة له (عليه السلام) فيستبعد أن يكون الغرض من الاستفهام استعلام حال باطنه وحسن اعتقاده كما ذكره هذا الفاضل بل الغرض منه استعلام أنه هل يعلم حكم ما يترتب على العمل بالتقية وعلى تركه أم لا؟ فلما أظهر الرجل عدم علمه بذلك وفوض العلم به إليه (عليه السلام) بين الحكم له وإنما لم يعلمه أولا بدون سؤال لأن التعليم بعد العلم بأن المخاطب لا يعلم أثبت وأنفع من التعليم ابتداء.
(وفي رواية اخرى إن أخذ به اوجر) أوجر على البناء للمفعول وقراءته على صيغة التفضيل بمعنى أشد أجرا بعيد.
(وإن تركه والله أثم) لأن التقية دين الله تعالى وضعها لعباده الصالحين فمن أخذ بها استحق الأجر ومن تركها وألقى نفسه إلى التهلكة استحق الإثم والأظهر أن «أثم» من المجرد ويجوز قراءته بالمد من باب الإفعال للدلالة على كثرة الإثم لأن هذا الباب قد يجيء للدلالة على الكثرة كما صرح به أصحاب العربية.
لا يقال: ثبوت الإثم لترك التقية ينافي ما يجيء في باب التقية من قول الباقر (عليه السلام) في رجل من الشيعة قتل لترك التقية: إنه تعجل إلى الجنة (1).
لأنا نقول: ثبوت الإثم له لا ينافي دخول الجنة، أو نقول: المراد بالإثم قلة الأجر بالنسبة إلى العمل بالتقية، وفي الرواية السابقة إشعار به على احتمال.
* الأصل:
5 - أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن الحسن بن علي، عن ثعلبة بن ميمون، عن