شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٢ - الصفحة ٣٢٠
ويحتمل أن يكون فاعل يشتبه والفعلان حينئذ بمنزلة اللازم أي فيشتبه ما عنى الله ورسوله بذلك الخطاب على من ليس من أهل المعرفة والدراية، وعلى التقديرين فيه إشارة إلى القسم الثاني والثالث كما أن ما يجيء من قوله (عليه السلام): «وقد كنت أدخل» إشارة إلى أفضل الأفراد وأكملها من القسم الرابع وتوضيح المقصود أن أمر النبي (صلى الله عليه وآله) مثل القرآن في اشتماله على الناسخ والمنسوخ والخاص والعام والمحكم والمتشابه وقد يوجد منه خطاب له وجهان متساويان أو غير متساويين وخطاب عام لسبب مخصوص وهو غير مقصور عليه وخطاب خاص لسبب مخصوص وهو مقصور عليه والناس مكلفون بالمتابعة كما دلت عليه الآية ومراتب أفهامهم وسماعهم مختلفة فمنهم من فهم من ذي الوجهين أحدهما والمقصود غيره كما إذا فهم من المتشابه غير المقصود أو فهم من الخطاب العام الوارد على سبب معين عدم الاختصاص والمقصود هو الاختصاص فوهم فيه، وعبر عنه بالعبارة الدالة على ما فهمه ولم يتعمد في شيء من ذلك فتبعه من تبعه لعدم علمه بوهمه وهذا هو القسم الثاني ومنهم من سمع المنسوخ دون الناسخ والعام دون الخاص فعمل هو بما في يده وعمل به من تبعه وهذا هو القسم الثالث وهما بعد تفارقهما في عدم الضبط وتحقق الوهم في المروي وتحقق الضبط وعدم الوهم فيه مشتركان في لحوق الاشتباه بهما وعدم معرفتهما ودرايتهما ما هو مراد الله تعالى ومراد رسوله (صلى الله عليه وآله) في الواقع ومنهم من سمع كلها وعرف حقيقتها وعلم المراد منها ولم يشتبه عليه المقصود أصلا فجاء به كما سمع وكما هو المقصود وهذا هو القسم الرابع.
ولما كان هنا مظنة أن يقال: كيف يقع الاشتباه عليهم في قوله مع كثرتهم وكونهم من أهل الخطاب؟ ولم لم يسألوه حتى يكشف لهم عن وجه المقصود ويرفع عنه الحجاب؟ أجاب عنه بقوله:
(وليس كل أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يسأله عن الشيء فيفهم) منهم من لا يسأله إما لشدة اشتغاله بأمر الدنيا وطلب المعيشة أو لعدم اهتمامه بأمر الدين وكان منهم من يسأله ولم يكن له رتبة الفهم والعلم بمراده.
(وكان منهم من يسأله) وكان له رتبة الفهم، ولكن لا يفهمه بمجرد الجواب.
(ولا يستفهمه) حتى يفهمه إما لخوف نسبة الغباوة إليه بسبب عدم الفهم أول مرة أو لإجلال
(٣٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 315 316 317 318 319 320 321 322 323 324 325 ... » »»
الفهرست