من أصحابنا - رفعه قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): طلب العلم فريضة». وفي حديث آخر قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): طلب العلم فريضة على كل مسلم، ألا وإن الله يحب بغاة العلم».
* الشرح:
(عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، عن يعقوب بن يزيد) هو الكاتب الأنباري، ويعرف بالقمي، ثقة صدوق.
(عن أبي عبد الله) مشترك بين الضعفاء، ويحتمل أن يكون هو الذي ذكره الشيخ في باب الكنى من أصحاب الصادق (عليه السلام).
(عن رجل من أصحابنا رفعه قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): طلب العلم فريضة» ، وفي حديث آخر:) كأنه المذكور في أول هذا الباب، ويحتمل غيره بالإسناد صونا عن التكرار.
(قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): طلب العلم فريضة على كل مسلم، ألا وإن الله يحب بغاة العلم») قال بعض الناظرين فيه: قوله: «ألا وإن الله يحب بغاة العلم» يدل على أن العلم الذي طالبوه محبوبون لله تعالى ينبغي أن يكون علما شريفا مقصودا لذاته، وهو العلم المتعلق بالمعارف الإلهية لا الذي هو مقصود لغيره كالعلم المتعلق بالعمل; إذ العلم المتعلق بالعمل أدون منزلة من العمل، والعمل أمر جسماني خسيس فذلك العلم أخص منه فلا يكون شريفا، وأما العلم المطلق المجرد عن التعلقات فلا شبهة في أنه رفيع القدر شريف المنزلة فطالبه حري بأن يكون محبوبا للحق جل شأنه ومقربا له في الملأ الأعلى، انتهى.
أقول: دلالته على كون العلم الذي طالبوه محبوبون له شريفا مسلمة، وأما دلالته على حصر ذلك العلم بما هو المقصود لذاته وخروج جميع العلوم المتعلقة بالعمل فغير مسلمة، بل الحق أن بعض العلوم المتعلقة بالعمل أيضا شريف من حيث أنه يوجب رفع درجات صاحبه في الآخرة، وأن المراد بهذا علم الشريعة وغيره، مما له مدخل في تحصيلها، والمراد بعلم الشريعة ما جاء به النبي (صلى الله عليه وآله) من عند الله تعالى، وبينه في مدة عمره، وأودعه عند أهله، وهذا العلم ينقسم إلى أقسام: فمنها ما يتعلق بالمبدأ الأول تعالى شأنه وبصفاته وأفعاله، ومنها ما يتعلق بأحوال المعاد وتفاصيلها، ومنها ما يتعلق بأفعال المكلفين وما يتبعها من تقويم الظواهر بالسياسات البدنية، ومنها ما يتعلق بأحوال القلب وتطهيره عن الرذائل وتزيينه بالفضائل وكل هذه الأقسام محمود شريف طالبه محبوب الله تعالى، لكن بينها تفاوت; إذ بعضها واجب عينا وبعضها واجب كفاية، وبعضها مستحب، وقد بالغ الغزالي في العلم المتعلق بأحوال القلب وقال: هو فرض عين في فتوى علماء