الوصيين بقصر الأمل وشكر كل نعمة والورع عن كل ما حرم الله عز وجل (1) وكيف يكون الزهد عبارة عن ترك الحلال وقال الصادق (عليه السلام): «لا خير فيمن لا يحب جمع المال من حلال، يكف به وجهه، ويقضي به دينه، ويصل به رحمه» (2).
الثاني: أن طلب العلم أوجب وآكد من طلب المال ووجه ذلك أن العلم حياة القلب من العمى ونور البصيرة من الظلمة وقوة الأبدان من الضعف وغذاء الروح وحياته وقوته وكماله ونموه في الدنيا والآخرة، والمال سبب حياة البدن وبقائه في الدنيا والروح أشرف من البدن وحياته أدوم وأبقى من حياة البدن; لأن حياة البدن زايلة منقطعة وحياة الروح باقية أبدا لا نهاية لبقائه، فطلب ما يوجب حياة الروح وهو العلم أوجب من طلب ما يوجب حياة البدن وأفضل بقدر الفضل بين الروح والبدن، ويكفي للحكم بكون طلب العلم أوجب من طلب المال ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: «يا كميل، العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال، والمال تنقصه النفقة والعلم يزكو ويزداد على الانفاق وصنيع المال يزول بزواله. يا كميل بن زياد، معرفة العلم دين يدان به يكسب الإنسان الطاعة في حياته وجميل الاحدوثة بعد وفاته، والعلم حاكم والمال محكوم عليه، يا كميل بن زياد، هلك خزان الأموال وهم أحياء والعلماء باقون ما بقي الدهر أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة» (3).
ومن طرق العامة عنه (صلى الله عليه وآله) قال: «إن بابا من العلم يتعلمه الرجل خير له من أن لو كان أبو قبيس ذهبا فأنفقه في سبيل الله» (4) وبين (عليه السلام) كون طلبه أوجب بوجه آخر غير هذه الوجوه بقوله:
(إن المال مقسوم مضمون لكم قد قسمه عادل بينكم) على حسب ما يقتضيه المصلحة وقوله:
(قد قسمه) تأكيد للسابق أو حال عن فاعل مقسوم (وضمنه) وأكده بالقسم قال الله تعالى: (نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا)، وقال: (وما من دابة إلا على الله رزقها)، وقال:
(وفي السماء رزقكم وما توعدون فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون).
(وسيفي لكم) ولو كنتم في جحر أو موضع منقطع من الناس ولا تموتون حتى تستكملوا أرزاقكم، قال الصادق (عليه السلام): «لو كان العبد في جحر لأتاه الله برزقه» (5)، وقيل لأمير المؤمنين (عليه السلام): لو