وللآخر سمال بن خرشة - أبو دجانة (1) - فإنه أعطاهما لشدة حاجة كانت بهما من
(1) أبو دجانة - بالضم والتخفيف - سماك بن خرشة بن لوذان الأنصاري الخزرجي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله، شهد بدرا واحدا وجميع المشاهد وكان بطلا شجاعا وله عصابة حمراء يعلم بها في الحرب وقاتل يوم أحد حتى أمعن في الناس وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله أخذ سيفا بيده وقال صلى الله عليه وآله: من يأخذ هذا السيف بحقه فقام إليه أناس فأمسكه عنهم فلم يعطهم إياه فقام إليه أبو دجانة فقال: ما حقه يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وآله: أن تضرب به في العدو حتى ينحنى (أو يثخن) فقال: أنا آخذ بحقه فأعطاه إياه ثم أهوى إلى ساق خفه فأخرج منها عصابة حمراء وعصب بها رأسه ويرتجز. وكان أبو دجانة رجلا شجاعا يختال عند الحرب وجعل يتبختر بين الصفين. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله حين رآه يتبختر: " انها لمشية يبغضها الله الا في مثل هذا الموطن " وقاتل به فجعل لا يلقى أحدا من المشركين الا قتله حتى حمل على مفرق رأس هند بنت عتبة ثم عدل السيف عنها فقال: رأيت إنسانا يحمش الناس حمشا شديدا فصمدت إليه فلما حملت عليه السيف ولول فإذا امرأة فأكرمت سيف رسول الله صلى الله عليه وآله ان أضرب به امرأة وكان أبو دجانة رضي الله عنه من الشجعان المشهورين بالشجاعة وقد ظهر شجاعته أيضا في وقعة اليمامة في أواخر السنة الحادية عشر وذلك: ان مسيلمة بن حبيب الحنفي - المعروف بمسيلمة الكذاب - وقومه لما دخلوا الحديقة واغلقوا عليهم بابها وتحصنوا فيها قال أبو دجانة للمسلمين:
اجعلوني في جنة ثم ارفعوني بالرماح وألقوني عليهم في الحديقة. فاحتملوه حتى أشرف على الجدار فوثب عليهم كالأسد فجعل يقاتلهم ثم احتملوا بعد ذلك البراء بن مالك فافتحها عليهم وقاتل على الباب وفتحه فدخلها المسلمون فاقتتلوا أشد القتال حتى قتل مسيلمة وشاك في قتله أبو دجانة ووحشي قاتلحمزة بن عبد المطلب. ولم يلق المسلمون حربا مثلها قط واستشهد في هذه الوقعة كثير من مشاهير المهاجرين والأنصار وفضلاء الصحابة. وقيل: قتل فيها أيضا أبو دجانة بعد ما ابلى فيها بلاء عظيما. وقيل: بل عاش بعد ذلك وشهد صفين مع أمير المؤمنين عليه السلام.