بدنك ما بلغ. فإذا قمت في صلاتك بالناس فلا تطولن ولا تكونن منفرا ولا مضيعا (1) فإن في الناس من به العلة وله الحاجة. وقد سألت رسول الله صلى الله عليه وآله حين وجهني إلى اليمن: كيف نصلي بهم؟ فقال: " صل بهم كصلاة أضعفهم وكن بالمؤمنين رحيما. وبعد هذا (2) فلا تطولن احتجابك عن رعيتك. فإن احتجاب الولاة عن الرعية شعبة من الضيق وقلة علم بالأمور. والاحتجاب يقطع عنهم علم ما احتجبوا دونه فيصغر عندهم الكبير ويعظم الصغير، ويقبح الحسن ويحسن القبيح ويشاب الحق بالباطل (3) وإنما الوالي بشر لا يعرف ما توارى عنه الناس به من الأمور وليست على القول سمات (4) يعرف بها الصدق من الكذب، فتحصن من الادخال في الحقوق بلين الحجاب (5) فإنما أنت أحد رجلين: إما امرء سخت نفسك بالبذل في الحق ففيم احتجابك؟ من واجب حق تعطيه؟ أو خلق كريم تسديه؟، وإما مبتلى بالمنع فما أسرع كف الناس عن مسألتك إذا أيسوا من بذلك مع أن أكثر حاجات الناس إليك مالا مؤونة عليك فيه من شكاية مظلمة أو طلب إنصاف. فانتفع بما وصفت لك واقتصر فيه على حظك ورشدك إن شاء الله.
ثم إن للملوك خاصة وبطانة فيهم استئثار وتطاول وقلة إنصاف (6) فاحسم مادة أولئك بقطع أسباب تلك الأشياء، ولا تقطعن لاحد من حشمك ولا حامتك قطيعة (7) ولا تعتمدن في اعتقاد عقدة تضر بمن يليها من الناس في شرب أو عمل مشترك