تحف العقول - ابن شعبة الحراني - الصفحة ١٤٢
حيلة له. ولا ينصب للمسألة نفسه فاجر لهم أرزاقا فإنهم عباد الله فتقرب إلى الله بتخلصهم ووضعهم مواضعهم في أقواتهم وحقوقهم، فإن الأعمال تخلص بصدق النيات. ثم إنه لا تسكن نفوس الناس أو بعضهم إلى أنك قد قضيت حقوقهم بظهر الغيب دون مشافهتك بالحاجات (1) وذلك على الولاة ثقيل. والحق كله ثقيل.
وقد يخففه الله على أقوام طلبوا العاقبة (2) فصبروا نفوسهم ووثقوا بصدق موعود الله لمن صبر واحتسب فكن منهم واستعن بالله. واجعل لذوي الحاجات منك قسما تفرغ لهم فيه شخصك وذهنك من كل شغل، ثم تأذن لهم عليك وتجلس لهم مجلسا تتواضع فيه لله الذي رفعك. وتقعد عنهم جندك وأعوانك (3) من أحراسك وشرطك تخفض لهم في مجلسك ذلك جناحك وتلين لهم كنفك (4) في مراجعتك ووجهك حتى يكلمك متكلمهم غير متعتع (5)، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول في غير موطن:
" لن تقدس أمة لا يؤخذ للضعيف فيها حقه من القوي غير متعتع ". ثم احتمل الخرق منهم والعي (6) ونح عنك الضيق والأنف (7) يبسط الله عليك أكناف رحمته (8) و

(1) المشافهة: المخاطبة بالشفه أي من فيه إلى فيه والمراد حضورهم.
(2) في بعض النسخ [العافية].
(3) تأمر بآن يقعد عنهم ولا يتعرض لهم. والاحراس: جمع حارس وهو من يحرس الحاكم من وصول المكروه إليه. أي أعوان الحاكم. والشرط - بضم ففتح -: جمع شرطة - بضم فسكون - وهم طائفة من أعوان الولاة وسموا بذلك لأنهم اعلموا أنفسهم بالعلامات يعرفون بها. وهم المعروفون الان بالضابطة.
(4) الكنف - بالتحريك - الجانب، الظل.
(5) التعتعة في الكلام: التردد فيه من عى أو عجز والمراد غير خائف منك ومن أعوانك وفى النهج [غير متتعتع] في الموضعين ولعله أصح.
(6) الخرق - بالضم -: العنف. والعي - بالكسر -: العجز عن النطق أي أطق واصبر، لا تضجر من هذا ولا تغضب لذاك.
(7) المراد بالضيق: ضيق الصدر من هم أو سوء خلق. والأنف - بالتحريك -: الاستكبار والترفع. أي بعد عن نفسك هذا وذاك.
(8) الأكناف: الأطراف.
(١٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»
الفهرست