تحف العقول - ابن شعبة الحراني - الصفحة ٣٧٨
على ما رزق الله. ولا يلومهم على ما لم يؤته الله، فإن رزقه (1) لا يسوقه حرص حريص ولا يرده كره كاره. ولو أن أحدكم فر من رزقه كما يفر من الموت لأدركه رزقه قبل موته كما يدركه الموت.
وقال عليه السلام: من شيعتنا من لا يعدو صوته سمعه ولا شحنه أذنه (2) ولا يمتدح بنا معلنا (3). ولا يواصل لنا مبغضا. ولا يخاصم لنا وليا ولا يجالس لنا عائبا. قال له مهزم (4): فكيف أصنع بهؤلاء المتشيعة؟ (5) قال عليه السلام: فيهم التمحيص (6) وفيهم التمييز وفيهم التنزيل، تأتي عليهم سنون تفنيهم وطاعون يقتلهم. واختلاف يبددهم.
شيعتنا من لا يهر هرير الكلب (7) ولا يطمع طمع الغراب ولا يسأل وإن مات جوعا. قلت:
فأين أطلب هؤلاء؟ قال عليه السلام: اطلبهم في أطراف الأرض أولئك الخفيض عيشهم (8)، المنتقلة دارهم، الذين إن شهدوا لم يعرفوا وإن غابوا لم يفتقدوا. وإن مرضوا لم يعادوا. وإن خطبوا لم يزوجوا. وإن رأوا منكرا أنكروا. وإن خاطبهم جاهل سلموا وإن لجأ إليهم ذو الحاجة منهم رحموا. وعند الموت هم لا يحزنون. لم تختلف قلوبهم وإن رأيتهم اختلفت بهم البلدان.
وقال عليه السلام: من أراد أن يطول عمره فليقم أمره. ومن أراد أن يحط وزره فليرخ ستره (9). ومن أراد أن يرفع ذكره فليخمل أمره (10).
وقال عليه السلام: ثلاث خصال هن أشد ما عمل به العبد: إنصاف المؤمن من نفسه ومواساة

(١) في الكافي ج ٢ ص ٥٧ وفيه [فان الرزق لا يسوقه حرص حريص ولا يرده كراهية كاره].
(2) كذا. وفى الكافي [ولا شحناؤه بدنه].
(3) في بعض النسخ [ولا يمتدح بمعاملنا]. " ولا يواصل لنا مبغضا " أي لا يواصل عدونا.
(4) هو مهزم بن أبي برزة الأسدي الكوفي من أصحاب الباقر والصادق والكاظم عليهم السلام.
(5) في بعض النسخ [الشيعة].
(6) التمحيص: الاختبار والامتحان. وفيهم التنزيل أي نزول البلية والعذاب. وفى الكافي [وفيهم التبديل]. والسنون: جمع سنة أي القحط والجدب.
(7) الهرير: صوت الكلب دون نباحة من قلة صبره على البرد.
(8) خفض العيش. دناءته.
(9) أرخى الستر: أرسله وأسدله. والمراد بالستر الحياء والخوف.
(10) وأخمله: جعله خاملا أي خفيا ومستورا. وفي بعض النسخ [فليحمل] وبعضها [فليجمل].
(٣٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 373 374 375 376 377 378 379 380 381 382 383 ... » »»
الفهرست