جمال أزين من العقل، ولا سوء أسوء من الكذب، ولا حافظ أحفظ من الصمت، ولا لباس أجمل من العافية، ولا غائب أقرب من الموت.
أيها الناس إنه من مشى على وجه الأرض فإنه يصير إلى بطنها، والليل والنهار مسرعان في هدم الأعمار، ولكل ذي رمق قوت، ولكل حبة آكل، و أنتم قوت الموت، وإن من عرف الأيام لم يغفل عن الاستعداد، لن ينجو من الموت غني بماله ولا فقير لا قلاله.
أيها الناس من خاف ربه كف ظلمه، ومن لم يرع في كلامه أظهر هجره ومن لم يعرف الخير من الشر فهو بمنزلة البهم، ما أصغر المصيبة مع عظم الفاقة غدا، هيهات هيهات، وما تناكرتم إلا لما فيكم من المعاصي والذنوب، فما أقرب الراحة من التعب، والبؤس من النعيم، وما شر بشر بعده الجنة، وما خير بخير بعده النار، وكل نعيم دون الجنة محقور، وكل بلاء دون النار عافية.
28 - حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي رضي الله عنه، قال: حدثني أبي، عن حمدان بن سليمان النيسابوري، عن علي بن محمد بن الجهم، قال: حضرت مجلس المأمون وعنده علي بن موسى الرضا عليهما السلام، فقال له المأمون: يا ابن رسول الله أليس من قولك إن الأنبياء معصومون، قال: بلى، قال: فسأله عن آيات من القرآن، فكان فيما سأله أن قال له: فأخبرني عن قول الله عز وجل في إبراهيم (فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي) فقال الرضا عليه السلام: إن إبراهيم عليه السلام وقع إلى ثلاثة أصناف: صنف يعبد الزهرة، وصنف يعبد القمر، وصنف يعبد الشمس، وذلك حين خرج من السرب الذي أخفي فيه، فلما جن عليه الليل و رأى الزهرة قال: هذا ربي على الانكار والاستخبار، فلما أفل الكوكب قال:
(لا أحب الآفلين) لأن الأفول من صفات المحدث لا من صفات القديم، فلما رأى القمر بازغا قال: هذا ربي على الانكار والاستخبار، فلما أفل قال: (لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين) فلما أصبح (ورأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر) من الزهرة والقمر على الإنكار والإستخبار لا على الإخبار