أحمد بن يحيى في جامعه في معنى الرؤية صحيحة لا يردها إلا مكذب بالحق أو جاهل به وألفاظها ألفاظ القرآن، ولكل خبر منها معنى ينفي التشبيه والتعطيل ويثبت التوحيد، وقد أمرنا الأئمة صلوات الله عليهم أن لا نكلم الناس إلا على قدر عقولهم.
ومعنى الرؤية الواردة في الأخبار العلم، وذلك أن الدنيا دار شكوك و ارتياب وخطرات، فإذا كان يوم القيامة كشف للعباد من آيات الله وأموره في ثوابه وعقابه ما يزول به الشكوك ويعلم حقيقة قدرة الله عز وجل، وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل ﴿لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد﴾ (١) فمعنى ما روي في الحديث أنه عز وجل يرى أي يعلم علما يقينا، كقوله عز وجل: ﴿ألم تر إلى ربك كيف مد الظل﴾ (٢) وقوله: ﴿ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه﴾ (٣) وقوله: ﴿ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت﴾ (٤) وقوله: ﴿ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل﴾ (5) وأشباه ذلك من رؤية القلب وليست من رؤية العين، وأما قول الله عز وجل: (فلما تجلى ربه للجبل) فمعناه لما ظهر عز وجل للجبل بآية من آيات الآخرة التي يكون بها الجبال سرابا والتي ينسف بها الجبال نسفا تدكدك الجبل فصار ترابا لأنه لم يطق حمل تلك الآية، وقد قيل: إنه بدا له من نور العرش.
23 - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن القاسم بن محمد الإصفهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث النخعي القاضي، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام، عن قول الله عز وجل: (فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا) قال: ساخ الجبل في البحر فهو يهوي حتى الساعة (6).