يزل ولا يزال أبد الآبدين، وكذلك كان إذ لم يكن أرض ولا سماء ولا ليل ولا نهار ولا شمس ولا قمر ولا نجوم ولا سحاب ولا مطر ولا رياح، ثم إن الله تبارك وتعالى أحب أن يخلق خلقا يعظمون عظمته ويكبرون كبرياءه ويجلون جلاله.
فقال: كونا ظلين، فكانا كما قال الله تبارك وتعالى (1).
قال مصنف هذا الكتاب: معنى قوله: هو نور، أي هو منير وهاد (2) ومعنى قوله: كونا ظلين، الروح المقدس والملك المقرب، والمراد به أن الله كان ولا شئ معه، فأراد أن يخلق أنبيائه وحججه وشهداءه، فخلق قبلهم الروح المقدس وهو الذي يؤيد الله عز وجل به أنبياءه وحججه وشهداءه صلوات الله عليهم، وهو الذي يحرسهم به من كيد الشيطان ووسواسه ويسددهم ويوفقهم ويمدهم بالخواطر الصادقة ثم خلق الروح الأمين الذي نزل على أنبيائه بالوحي منه عز وجل، وقال لهما:
كونا ظلين ظليلين لأنبيائي ورسلي وحججي وشهدائي، فكانا كما قال الله عز وجل ظلين ظليلين لأنبيائه ورسلي وحججه وشهدائه، يعينهم بهما وينصرهم على أيديهم و يحرسهم بهما، وعلى هذا المعنى قيل للسلطان العادل: إنه ظل الله في أرضه لعباده، يأوي إليه المظلوم، ويأمن به الخائف الوجل، ويأمن به السبل، وينتصف به الضعيف من القوي، وهذا هو سلطان الله وحجته التي لا تخلو الأرض منه إلى أن تقوم الساعة.