التوحيد - الشيخ الصدوق - الصفحة ٦٣
فمن أجزاء مختلفة وجواهر شتى غير أنه بالاجتماع شئ واحد.
قلت: فقولك: اللطيف فسره لي، فإني أعلم أن لطفه خلاف لطف غيره للفصل، غير أني أحب أن تشرح لي، فقال: يا فتح إنما قلت: اللطيف للخلق اللطيف ولعلمه بالشئ اللطيف، ألا ترى إلى أثر صنعه في النبات اللطيف وغير اللطيف، وفي الخلق اللطيف من أجسام الحيوان من الجرجس والبعوض وما هو أصغر منهما مما لا يكاد تستبينه العيون، بل لا يكاد يستبان لصغره الذكر من الأنثى، والمولود من القديم، فلما رأينا صغر ذلك في لطفه واهتدائه للسفاد والهرب من الموت والجمع لما يصلحه بما في لجج البحار (١) وما في لحاء الأشجار والمفاوز والقفار و إفهام بعضها عن بعض منطقها (٢) وما تفهم به أولادها عنها، ونقلها الغذاء إليها، ثم تأليف ألوانها حمرة مع صفرة وبياض مع حمرة علمنا أن خالق هذا الخلق لطيف، وأن كل صانع شئ فمن شئ صنع (٣) والله الخالق اللطيف الجليل خلق وصنع لا من شئ.
قلت: جعلت فداك وغير الخالق الجليل خالق؟ قال: إن الله تبارك وتعالى يقول: ﴿تبارك الله أحسن الخالقين﴾ (4) فقد أخبر أن في عباده خالقين (5) منهم عيسى ابن مريم، خلق من الطين كهيئة الطير بإذن الله فنفخ فيه فصار طائرا بإذن الله، والسامري خلق لهم عجلا جسدا له خوار، قلت: إن عيسى خلق من الطين طيرا

(١) في البحار (سما في لجج البحار) وفي الكافي (وما في لجج البحار) (٢) استعمل الأفهام ههنا بمعنى التفاهم إذ تعدى بعن.
(٣) قوله: (وإن كل صانع شئ - الخ) جملة مستأنفة، ويحتمل بعيدا عطفه على مدخول علمنا.
(٤) المؤمنون: ١٤.
(5) هذا لا ينافي قوله تعالى: (الله خالق كل شئ) إذ هو تعالى خالق كل شئ بواسطة أو بلا واسطة، فإسناد خلق بعض الأشياء إلى الوسائط لا يخرجه عن كونه مخلوقا له تعالى.
(٦٣)
مفاتيح البحث: الفدية، الفداء# (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»
الفهرست