اجعلوا أمركم لله ولا تجعلوه للناس فإنه ما كان لله فهو لله، وما كان للناس فلا يصعد إلى الله، ولا تخاصموا الناس لدينكم فإن المخاصمة ممرضة للقلب، إن الله عز وجل قال لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء﴾ (١) وقال:
﴿أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)﴾ (٢) ذروا الناس فإن الناس أخذوا عن الناس وإنكم أخذتم عن رسول الله صلى الله عليه وآله، إني سمعت أبي عليه السلام يقول: إن الله عز وجل إذا كتب على عبد أن يدخل في هذا الأمر كان أسرع إليه من الطير إلى وكره (٣).
١٤ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حمران، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: إن الله تبارك وتعالى إذا أراد بعبد خيرا نكت في قلبه نكتة من نور وفتح مسامع قلبه ووكل به ملكا يسدده، وإذا أراد بعبد سوءا نكت في قلبه نكتة سوداء وسد مسامع قلبه ووكل به شيطانا يضله، ثم تلا هذه الآية ﴿فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء﴾ (4).
قال مصنف هذا الكتاب: إن الله عز وجل إنما يريد بعبد سوءا لذنب يرتكبه فيستوجب به أن يطبع على قلبه ويوكل به شيطانا يضله، ولا يفعل ذلك به إلا باستحقاق وقد يوكل عز وجل بعبده ملكا يسدده باستحقاق أو تفضل ويختص برحمته من