القلوب (1) المتعالي عن الأشياء والضروب، والوتر، علام الغيوب، فمعاني الخلق عنه منفية، وسرائرهم عليه غير خفية، المعروف بغير كيفية، لا يدرك بالحواس، ولا يقاس بالناس، ولا تدركه الأبصار، ولا تحيط به الأفكار، ولا تقدره العقول، ولا تقع عليه الأوهام، فكل ما قدره عقل أو عرف له مثل فهو محدود، وكيف يوصف بالأشباح، و ينعت بالألسن الفصاح؟ من لم يحلل في الأشياء فيقال هو فيها كائن، ولم ينأ عنها فيقال هو عنها بائن، ولم يخل منها فيقال أين، ولم يقرب منها بالالتزاق، ولم يبعد عنها بالافتراق، بل هو في الأشياء بلا كيفية، وهو أقرب إلينا من حبل الوريد، وأبعد من الشبه من كل بعيد (2) لم يخلق الأشياء من أصول أزلية، ولا من أوائل كانت قبله بدية (3) بل خلق ما خلق، وأتقن خلقه، وصور ما صور، فأحسن صورته، فسبحان من توحد في علوه، فليس لشئ منه امتناع، ولا له بطاعة أحد من خلقه انتفاع، إجابته للداعين سريعة، والملائكة له في السماوات والأرض مطيعة، كلم موسى تكليما بلا جوارح وأدوات ولا شفة ولا لهوات (4) سبحانه و تعالى عن الصفات، فمن زعم أن إله الخلق محدود فقد جهل الخالق المعبود - و الخطبة طويلة أخذنا منها موضع الحاجة -.
35 - حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه.