وليكن أحب الأمور إليك أوسطها في الحق، وأعمها في العدل وأجمعها لرضى الرعية، فإن سخط العامة يجحف برضى الخاصة (1)، وإن سخط الخاصة يغتفر مع رضى العامة. وليس أحد من الرعية أثقل على الوالي مؤونة في الرخاء، وأقل معونة له في البلاء، وأكره للإنصاف، وأسأل بالإلحاف (2)، وأقل شكرا عند الاعطاء. وأبطأ عذرا عند المنع، وأضعف صبرا عند ملمات الدهر من أهل الخاصة (3) وإنما عماد الدين وجماع المسلمين (4) والعدة للأعداء العامة من الأمة، فليكن صغوك لهم وميلك معهم وليكن أبعد رعيتك منك وأشنؤهم عندك أطلبهم لمعائب الناس (5)، فإن في الناس عيوبا الوالي أحق من سترها (6). فلا تكشفن عما غاب عنك منها فإنما عليك تطهير ما ظهر لك، والله يحكم على ما غاب عنك. فاستر العورة ما استطعت يستر الله منك ما تحب ستره
____________________
(1) يجحف أي يذهب برضى الخاصة فلا ينفع الثاني معه، أما لو سخط الخاصة ورضي العامة فلا أثر لسخط الخاصة فهو مغتفر (2) الالحاف: الالحاح والشدة في السؤال (3) من أهل الخاصة متعلق بأثقل وما بعده من أفعال التفضيل (4) جماع الشئ بالكسر: جمعه أي جماعة الاسلام. والعامة خبر عماد وما بعده (5) أشنؤهم: أبغضهم.
والأطلب للمعائب: الأشد طلبا لها (6) ستر فعل ماض صلة من، أي أحق الساترين