بيده العطاء والحرمان، وأكثر
الاستخارة (1) وتفهم وصيتي ولا تذهبن عنها صفحا (2) فإن خير القول ما نفع. واعلم أنه لا خير في علم لا ينفع، ولا ينتفع بعلم لا يحق تعلمه (3) أي بني إني لما رأيتني قد بلغت سنا (4)، ورأيتني أزداد وهنا بادرت بوصيتي إليك، وأوردت خصالا منها قبل أن يعجل بي أجلي دون أن أفضي إليك بما في نفسي (5)، وأن أنقص في رأيي كما نقصت في جسمي (6)، أو يسبقني إليك بعض غلبات الهوى وفتن الدنيا (7)، فتكون كالصعب النفور. وإنما قلب الحدث كالأرض الخالية ما ألقي فيها من شئ قبلته. فبادرتك بالأدب قبل أن يقسو قلبك ويشتغل لبك لتستقبل بجد رأيك من الأمر ما قد كفاك أهل التجارب بغيته وتجربته (8)، فتكون قد كفيت مؤونة الطلب، وعوفيت من
____________________
الملجأ. والحريز: الحافظ (1) الاستخارة إجالة الرأي في الأمر قبل فعله لاختيار أفضل وجوهه (2) صفحا أي جانبا أي لا تعرض عنها (3) لا يحق بكسر الحاء وضمها أي لا يكون من الحق كالسخر ونحوه (4) أي وصلت النهاية من جهة السن. والوهن: الضعف (5) أفضى: ألقى إليك (6) وأن أنقص عطف على أن يعجل (7) أي يسبقني بالاستيلاء على قلبك غلبات الأهواء فلا تتمكن نصيحتي من النفوذ إلى فؤادك فتكون كالفرس الصعب غير المذلل. والنفور ضد الآنس (8) ليكون جد رأيك أي محققه وثابته مستعدا لقبول الحقائق التي وقف عليها أهل التجارب وكفوك طلبها. والبغية بالكسر: الطلب