الاحكام - ابن حزم - ج ٥ - الصفحة ٦٧٨
والعقل أصل لكل شئ وبهما عرفنا صحة القرآن والربوبية والنبوة فلم نحتج في إثباتها بالنص، لأنه لولا النص لم يصح ما يدرك بالعقل والحواس لكن حسما لشغب أهل الضعف العاكسين للاستدلال القائلين لا نأخذ إلا ما في النصوص.
وقد مضى الكلام في هذا في (باب إثبات حجة العقل) من كتابنا هذا وبالله تعالى التوفيق، والاستدلال هو غير الدليل، لأنه قد يستدل من لا يقع على الدليل، وقد يوجد الاستدلال وهو طلب الدليل ممن لا يجد ما يطلب وقد يرد الدليل مهاجمة على من لا يطلبه، إما بأن يطالعه في كتاب، أو يخبره به مخبر أو يثوب إلى ذهنه دفعه، فصح أن الاستدلال غير الدليل، وصح أن دليلنا غير خارج عن النص أو الاجماع أصلا، وأنه إنما هو مفهوم اللفظ فقط، والعلة لا تسمى دليلا، والدليل لا يسمى علة، فالعلة هي كل ما أوجب حكما لم يوجد قط أحدهما خاليا من الآخر كتصعيد النار للرطوبات واستجلابها الناريات فذلك من طبعها. وههنا خلط أصحاب القياس فسموا الدليل علة والعلة دليلا ففحش غلطهم وسموا حكمهم في شئ لم ينص عليه بحكم قد نص عليه شئ آخر دليلا وهذا خطأ بل هذا هو القياس الذي ننكره ونبطله فمزجوا المعاني وأوقعوا على الباطل اسم معنى صحيح وعلى معنى صحيح اسم معنى باطل، فمزجوا الأشياء وخلطوا ما شاؤوا. ولم يصفوا بعض المعاني من بعض فاختلط الامر عليهم وتاهوا ما شاؤوا والحمد لله على هدايته وتوفيقه وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. وبالله تعالى التوفيق والحول والقوة به عز وجل.
الباب الثلاثون في لزوم الشريعة الاسلامية لكل مؤمن وكافر في الأرض ووقت لزوم الشرائع للانسان قال أبو محمد: قال الله تعالى: * (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد) * فأمر تعالى بني آدم جملة كما ترى وقال عز وجل: * (الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث وقال تعالى: * (في جنات يتساءلون عن
(٦٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 673 674 675 676 677 678 679 680 681 682 683 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الثالث والعشرون في استصحاب الحال، وبطلان جميع العقود والعهود والشروط إلا ما أوجبه منها قرآن، أو سنة عن رسول الله (ص) ثابته 590
2 الباب الرابع والعشرون وهو باب الحكم بأقل ما قيل 630
3 الباب الخامس والعشرون في ذم الاختلاف 642
4 الباب السادس والعشرون في أن الحق في واحد وسائر الأقوال كلها باطل 647
5 الباب السابع والعشرون في الشذوذ 661
6 الباب الثامن والعشرون في تسمية الصحابة الذين رويت عنهم الفتيا وتسمية الفقهاء المذكورين في الاختلاف بعد عصر الصحابة رضي الله عنهم 663
7 الباب التاسع والعشرون في الدليل 676
8 الباب الموفي ثلاثين في لزوم الشريعة الإسلامية لكل مؤمن وكافر في الأرض ووقت لزوم الشرائع للإنسان 678
9 الباب الحادي والثلاثون في صفه التفقه في الدين، وما يلزم كل امرئ طلبه من دينه، وصفته المفتى الذين له أن يفتى في الدين، وصفة الاجتهاد الواجب على أهل الإسلام 689
10 الباب الثاني والثلاثون في وجوب النيات في جميع الأعمال والفرق بين الخطأ الذي تعمد فعله ولم يقصد به خلاف ما أمر وبين الخطأ الذين لم يتعمد فعله وبين العمل المصحوب بالقصد إليه، وحيث يلحق عمل المرء غيره بأجر أو اثم وحيث لا يلحق 706
11 الباب الثالث والثلاثون في شرائع الأنبياء عليهم السلام قبل محمد (صلى الله عليه وآله) أيلزمنا إتباعها ما لم ننه عنها أم لا يجوز لنا اتباع شئ منها أصلا إلا ما كان منها في شريعتنا وأمرنا نحن به نصا باسمه فقط؟ 722