الصالح يعير بمصاهرة الفاسق، لكن ما نقله في البحر عن الخانية يقتضي اعتبار صلاحها أيضا كما مر، وحينئذ فيكن حمل كلام الخانية الثاني عليه بناء على أن بنت الصالح صالحة غالبا. قال في الحواشي اليعقوبية: قوله: فليس فاسق كف ء بنت صالح فيه كلام، وهو أن بنت الصالح يحتمل أن تكون فاسقة فيكون كفؤا كما صرحوا به، والأولى ما في المجمع وهو أن الفاسق ليس كفؤا للصالحة، إلا أن يقال: الغالب أن بنت الصالح صالحة، وكلام المصنف بناء على الغالب ا ه. ومثله قول القهستاني: أي وهي صالحة، وإنما لم يذكر لان الغالب أن تكون البنت صالحة بصلاحه ا ه.
وكذا قال المقدسي.
قلت: اقتصارهم بناء على أن صلاحها يعرف بصلاحهم، لخفاء حال المرأة غالبا لا سيما الابكار والصغائر ا ه. وفي الذخيرة: ذكر شيخ الاسلام أن الفاسق لا يكون كفؤا للعدل عند أبي حنيفة، وعن أبي يوسف ومحمد أن الذي يسكر إن كان يسر ذلك ولا يخرج سكران كان كفؤا لامرأة صالحة من أهل البيوتات، وإن كان يعلن ذلك فلا. قيل وعليه الفتوى ا ه.
قلت: والحاصل: أن المفهوم من كلامهم اعتبار صلاح الكل، وإن من اقتصر على صلاحها أو صلاح آبائها نظر إلى الغالب من أن صلاح الولد والوالد متلازما، فعلى هذا فالفاسق لا يكون كفؤا لصالحة بنت صالح، بل يكون كفؤا لفاسقة بنت فاسق، وكذا لفاسقة بنت صالح كما نقله في اليعقوبية، فليس لأبيها حق الاعتراض لان ما يلحقه من العار ببنته أكبر من العار بصهره. وأما إذا كانت صالحة بنت فاسق فزوجت نفسها من فاسق فليس لأبيها حق الاعتراض، لأنه مثله وهي قد رضيت به. وأما إذا كانت صغيرة فزوجها أبوها من فاسق: فإن كان عالما بفسقه صح العقد، ولا خيار لها إذا كبرت، لان الأب له ذلك ما لم يكن ماجنا كما مر في الباب السابق، وأما إذا كان الأب صالحا وظن لزوج صالحا فلا يصح. قال في البزازية: زوج بنته من رجل ظنه مصلحا لا يشرب مسكرا فإذا هو مدمن فقالت بعد الكبر: لا أرضى بالنكاح: إن لم يكن أبوها يشرب المسكر، ولا عرف به وغلبة أهل بيتها مصلحون فالنكاح باطل بالاتفاق ا ه. فاغتنم هذا التحرير فإنه مفرد. قوله:
(بنت صالح) نعت لكل من قوله: صالحة وفاسقة وأفرده للعطف بأو فرجع إلى أن المعتبر صلاح الآباء فقط، وأنه لا عبرة بفسقها بعد كونها من بنات الصالحين، و هذا هو الذي نقلناه عن النهر، فافهم، نعم هو خلاف ما نقلناه عن اليعقوبية. قوله: (معلنا كان أو لا) أما إذا كان معلنا فظاهر، وأما غير المعلن فهو بأن يشهد عليه أنه فعل كذا من المفسقات وهو لا يجهر به فيفرق بينهما بطلب الأولياء ط. قوله: (على الظاهر) هذا استظهار من صاحب النهر لا كما يتوهم من أنه ظاهر الرواية، فإنه قد صرح في الخانية عن السرخسي بأنه لم ينقل عن أبي حنيفة في ظاهر الرواية في هذا شئ، والصحيح عنده أن الفسق لا يمنع الكفاءة ا ه. وقدمنا أن تصحيح الهداية معارض لهذا التصحيح.
قوله: (ومالا) أي في حق العربي والعجمي كما مر عن البحر، لان التفاخر بالمال أكثر من التفاخر بغيره عادة وخصوصا في زماننا هذا. بدائع. قوله: (بأن يقدر على المعجل الخ) أي على ما تعارفوا تعجيله من المهر، وإن كان كله حالا. فتح. فلا تشترط القدرة على الكل، ولا أن يساويها في الغنى في ظاهر الرواية وهو الصحيح. زيلعي. ولو صبيا فهو غني بغنى أبيه أو أمه أو جده كما يأتي، وشمل ما لو كان عليه دين بقدر المهر، فإنه كف ء لان له أن يقضي أي الدينين شاء كما في