صاحب الفتح عبر أو بأنه يجب لكل مهر كامل، ثم بالعقر تبعا كما وقع في كلام غيره، ثم حقق أن الواجب في النكاح الفاسد بعد الوطئ هو الأقل من المسمى ومهر المثل، فعلم أنه المراد بالعقر.
وفي المغرب: العقر صداق المرأة إذا وطئت بشبهة ا ه. ولا يخفى أن الوطئ في النكاح الفاسد وطئ بشبهة، وقد صرح في الكنز وغيره بأن الواجب في النكاح الفاسد الأقل من المسمى ومهر المثل، فعلم أن اقتصار البحر على التعبير بالعقر صحيح، فافهم.
والحاصل أنك قد علمت أن أحد النكاحين في مسألة النسيان صحيح والآخر فاسد، وبعد الدخول يجب في الصحيح المسمى، وفي الفاسد العقر: أي الأقل من المسمى ومهر المثل، وحيث لم تعلم صاحبة الصحيح من الفاسد يقسم المهران بالوصف المذكور بينهما، فيكون لكل واحدة مهر كامل.
ثم اعلم أن الصور أربع: لأنه إما أن يتحد المسمى لهما أو يختلف، وعلى كل إما أن يتحد مهر مثلهما أيضا أو يختلف، فإن اتحد المسميان والمهران فلا شبهة في أنه يجب لكل منهما مهرها كاملا، وأما إذا اتحد المسميان، واختلف المهران كأن سمى لهند مائة ومهر مثلها تسعون، ولأختها دعد مائة أيضا ومهر مثلها ثمانون، فالواجب لذات النكاح الصحيح المسمى وهو مائة ولذات الفاسدة العقر، وهو متردد هنا بين التسعين والثمانين، ويتعذر إيجاب أحدهما إذ ليست إحداهما أولى بكونها ذات العقر، فلذا قيد المحشي قول الفتح: ويجب حمله: أي حمل وجوب المهر كاملا لكل منهما على ما إذا اتحد المسمى لهما بما إذا اتحد مثلهما أيضا، وأما قول الفتح: وأما إذا اختلفا: أي المسميان فيتعذر إيجاب العقر، ففي إطلاقه نظر لأنه ظاهر فيما إذا اختلف المهران أيضا، كأن سمى لهند مائة ومهر مثلها ثمانون ولدعد تسعين ومهر مثلها ستون مثلا، فهناك تعذر إيجاب العقر، وتعذر أيضا إيجاب المسمى، لان إحداهما ليست بأولى من الأخرى بكونها ذات النكاح الصحيح أو ذات النكاح الفاسد حتى نوجب لهما أحد المسميين بعينه، وأحد العقرين بعينه لاختلاف كل منهما. وأما إذا اختلف المسميان واتحد المهران كأن سمى لهند مائة ولدعد تسعين ومهر مثل كل منهما ثمانون فلا يتعذر إيجاب العقر لأنه ثمانون على كل حال، سواء كانت ذات النكاح الفاسد هندا أو دعدا، بل يتعذر إيجاب المسمى، ثم إنه لم يعلم من كلام الفتح الحكم في الصور الثلاث. وقال ط: والظاهر أنه عند تعذر إيجاب العقر يجب لكل الأقل من المسمى ومهر مثلها.
قلت: وفيه نظر لان ذلك تنقيص لحقهما وترك لبعض المتيقن، إذ لا شك أن فيهما ذات نكاح صحيح ولها المسمى كاملا ولا سيما إذا اتحد المسميان، على أنه لم يعلم منه حكم ما إذا لم يتعذر إيجاب العقر، بل الذي يظهر ما قرره شيخنا حفظه الله تعالى، وهو أنه حيث جهل ذات الصحيح منهما وذات الفاسد وكان لإحداهما المسمى العقر أن يأخذ المتيقن ويقتسماه بينهما في الصور الأربع، فإذا اتحد كل من المسمين والمهرين يعطيان أحد المسميين وأحد المهرين، وإذا اتحد الأولان فقط يعطيان أحد المسميين وأقل المهرين، وإذا اختلف الأولان فقط يعطيان أقل المسمين وأحد المهرين، وإذا اختلف الأولان والأخيران يعطيان أقل المسميين وأقل المهرين، والله سبحانه وتعالى أعلم. قوله: (ومنه يعلم حكم دخوله بواحدة) يعني أن المدخول بها يجب لها نصف المسمى ونصف الأقل من مهر المثل والمسمى، لأنها إن كانت سابقة وجب لها جميع