بيان ذلك أن العقود علل لأحكامها كما صرحوا به. وقالوا أيضا: إن الخارج المتعلم بالحكم إن كان مؤثرا فيه فهو العلة، وإن كان مفضيا إليه بلا تأثير فهو السبب، وإن لم يكن مؤثرا فيه ولا مفضيا إليه: فإن توقف عليه وجود الحكم فهو الشرط، وإلا فإن دل عليه فهو العلامة، وتمامه في كتب الأصول، ولا شبهة أن عقد النكاح علة لحل الوطئ ونحوه لا لرفع الحل، بل رفع الحل علته الطلاق لأنه وضع له، نعم النكاح شرطه كما أن الطلاق شرط لوجوب العدة الواجبة لأجله، فقد صرحوا في باب العدة أن شرطها رفع النكاح أو شبهته، فالنكاح شرط لانعقاد الطلاق شرطا للعدة فصح كونها من آثاره بهذا الاعتبار، فافهم. قوله: (في الحال البائن) متعلقان برفع. قوله: (أو المآل) أي بعد انقضاء العدة أو انضمام طلقتين إلى الأولى، وعليه فلو ماتت في العدة أو بعد ما راجعها ينبغي أن يتبين عدم وقوع الطلقة الأولى، حتى لو حلف أنه لم يوقع عليها طلاقا قط لا يحنث. بحر وفيه أن المراجعة تقتضي وقوع الطلاق، فقد صرح الزيلعي وغيره بأن المراجعة بدون وقوع الطلاق محال. مقدسي. فالصواب في تعريفه الشامل لنوعيه ما في القهستاني، من أنه إزالة النكاح أو نقصان حله بلفظ مخصوص.
قلت: ولذا قال في البدائع: أمر الطلاق الرجعي فالحكم الأصلي له نقصان العدد، فأما زوال الملك وحل الوطئ فليس بحكم أصلي له لازم حتى لا يثبت للحال بل بعد انقضاء العدة، وهذا عندنا. وعند الشافعي زوال حل الوطئ من أحكامه الأصلية له حتى لا يحل له وطؤها قبل المراجعة.
قوله: (هو ما اشتمل على الطلاق) أي على مادة ط ل ق صريحا، مثل أنت طالق، أو كناية كمطلقة بالتخفيف وكانت ط ل ق وغيرهما كقول القاضي فرقت بينهما عند إباء الزوج الاسلام، والعنة واللعان وسائر الكنايات المفيدة للرجعة والبينونة ولفظ الخلع فتح، لكن قوله وغيرهما: أي غير الصريح والكناية يفيد أن قول القاضي فرقت، والكنايات ولفظ الخلع مما اشتمل على ما مادة ط ل ق وليس كذلك، فالمناسب عطفه على ما اشتمل، والضمير عائد على وثناه نظرا للمعنى لأنه واقع على الصريح والكناية. قوله: (فخرج الفسوخ الخ) قال في الفتح: فخرج تفريق القاضي في إبائها، وردة أحد الزوجين، وتباين الدار حقيقة وحكما، وخيار البلوغ، والعتق، وعدم الكفاءة، ونقصان المهر فإنها ليست طلاقا اه. وقد مر نظما في باب الولي، ما هو طلاق وما هو فسخ وما يشترط فيه قضاء القاضي وما لا يشترط فراجعه. قوله: (وبهذا) أي بزيادة قوله: أو المآل وقوله: بلفظ مخصوص. قوله: (عبارة الكنز والملتقى) هي رفع القيد الثابت شرعا بالنكاح. قوله: (منقوضة طردا وعكسا) أي أنها غير مانعة لدخول الفسوخ فيها وغير جامعة لخروج الرجعي. قوله: (كريبة) هي الظن والشك: أي ظن الفاحشة. قوله: (والمذهب الأول) لاطلاق قوله تعالى: * (فطلقوهن لعدتهن ) * سورة الطلاق: الآية 1) * (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء) * (سورة البقرة: الآية 632) ولأنه (ص) طلق حفصة لا لريبة ولا كبر، وكذا فعله الصحابة، والحسن بن علي رضي الله عنهما استكثر النكاح والطلاق. وأما ما رواه أبو داود أنه (ص) قال: أبغض الحلال إلى الله عز وجل الطلاق فالمراد بالحلال ما ليس فعله بلازم