يسعى أولا في ثلثي قيمته لتلخيص رقبته من الرق ويصير المهر في رقبته يؤديه بعد عتقه كدين الأحرار لا بطريق السعاية، فإن وجد معه جملة أخذ منه وإلا عومل معاملة المديون المعسر، ولما كان فهم ذلك من عبارة القنية فيه خفاء عزا ذلك إليها وإلى النهر، فافهم. قوله: (إن تجددت) يعني إن لزمه نفقة فبيع فيها فلم يف ثمنه بما عليه من النفقة بقي الفضل في ذمته فيطالب به بعد العتق ولا يتعلق برقبته فلا يباع فيه عند السيد الثاني، ثم إن تجمعت عليه نفقة عند السيد الثاني بيع فيها ويفعل بالفضل كما مرح.
ووجهه ما في البحر عن المبسوط أن النفقة يتجدد وجوبها بمضي الزمان وذلك في حكم دين حادث ا ه: أي إن ما تجدد وجوبه عند السيد الثاني في حكم دين حادث فيباع فيه، بخلاف ما تجمد عليه وبيع فيه أولا، فإنه لا يباع فيه ثانيا لاستيفاء باقيه لأنه في حكم دين واحد، خلافا لما في نفقات صدر الشريعة حيث يفهم منه أنه يباع في الباقي أيضا كما سيأتي بيانه هناك إن شاء الله تعالى.
ثم الظاهر أن هذا مفروض فيما إذا كانت النفقة مفروضة بالتراضي أو بقضاء القاضي لأنها بدون ذلك تسقط بمضي المدة كما ذكروه في النفقات.
ثم رأيت في نفقات البحر صور المسألة بما إذا فرض القاضي لها نفقة شهر مثلا وعجز عن أدائها باعه القاضي إن لم يفده المولى. وأفاد أنه إنما يباع فيما يعجز عن أدائه لا لنفقة كل يوم مثلا للاضرار بالمولى، ولا لاجتماع قدر قيمته للاضرار بها. وينبغي أن لا يصح فرضه لتراضيهما لحجر العبد عن التصرف ولإتهماه بقصد الزيادة فضرار المولى، ولذا فرض المسألة في البحر فيما إذا فرضها القاضي. تأمل. قوله: (وفي المهر مرة) فيه أنه لو لزمه مهر آخر عند السيد الثاني كما إذا طلقها ثم تزوجها بيع ثانيا، فلا فرق بين المهر والنفقة إلا باعتبار أن النفقة تتجدد عند السيد الثاني ولا بد، بخلاف المهر. ح عن شيخه السيد. وأجاب ط بأن النفقة التي حدثت عند الثاني سببها متحقق عند الأول فتكرر بيعه في شئ واحد، بخلاف بيعه فمهر ثان عند الثاني، فإن هذا مسبب عن عقد مستقل حتى توقف على إذنه ا ه.
قلت: وحاصله أن النفقة المتجددة عند الثاني وإن كانت في حكم دين حادث ولذا بيع فيها ثانيا إلا أنها لما كان سببها متحدا وهو العقد الأول لم تكن دينا حادثا من كل وجه، أما المهر الثاني فهو دين حادث من كل وجه لوجوبه بسبب جديد، وأنت خبير بأن هذا جواب إقناعي. ثم اعلم أن دين المهر والنفقة عيب في العبد، فللمشتري الخيار إن لم يرض به.
تنبيه: قال في البحر: علل في المعراج لعدم تكرار بيعه في المهر بأنه بيع في جميع المهر، فيفيد أنه لو بيع في مهرها المعجل ثم حل الاجل يباع مرة أخرى لأنه إنما بيع في بعضه ا ه.
أقول: فيه نظر لأنه مخالف لما نقله قبله في المبسوط من أنه ليس شئ من ديون العبد ما يباع فيه مرة بعد أخرى إلا النفقة، لأنه يتجدد وجوبها بمضي الزمان الخ. ولا يخفى أن المهر المؤجل كان واجبا قبل حلول الأجل، وإنما تأخرت المطالبة إلى حلوله، فلم يتجدد الوجوب عند المشتري حتى يباع ثانيا عنده، ولأنه يلزم أنه لو كان المهر ألفا مثلا وقيمة العبد مائة فبيع بمائة ثانيا وثالثا وهكذا، لأنه في كل مرة لم يبع في كل المهر وهو خلاف ما صرحوا به، ومراد المعراج بقوله: بيع