تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ١٤٧
دفعه بهما أفداه بأرشهما فإن أعتقه غير عالم بالجناية ضمن الأقل من قيمته ومن الأرش
____________________
جناية، ولو جنى قبل أن تختار في الأولى شيى أو جنى جنايتين دفع دفعة واحدة، ولو جنايات قيل لمولاه إما أن تدفعه أو تفديه بأرش كل واحدة من الجنايات لأن تعلق الأولى برقبته لا يمنع تعلق الثانية بها كالمديون لأقوام أو لواحد ألا ترى أن ملك المولى لا يمنع تعلق الجناية فحق المجني عليه أولى أن لا يمنع بخلاف الرهن حيث لا يتعلق به حق غيره من الغرماء، والفرق أن الرهن إيفاء واستيفاء حكما فصار كالاستيفاء حقيقة، فأما الجناية فليس فيها إلا تعلق الحق لولي الأولى وذلك لا يمنع تعلق حق آخر به ثم إذا دفعه إليهم اقتسموه على قدر حقوقهم وحق كل واحد منهم أرش جنايته.
قال رحمه الله: (فإن أعتقه غير عالم بالجناية ضمن الأقل من قيمته ومن الأرش) يعين لو أعتق الجاني ولم يعلم بها ضمن الأقل من القيمة ومن الأرش، وإذا جرح العبد رجلا فاختار المولى الفداء ثم مات المجروح خير مرة أخرى عند محمد استحسانا، وعند أبي يوسف عليه الدية ولا يخير قياسا. وهي من المسائل التي رجع فيها أبو يوسف رحمه الله من الاستحسان إلى القياس، ولو أعتقه وهو يعلم ثم مات المجروح كان مختارا للدية إن كان خطأ وجه القياس أنه اختار أرش الجراحة فيكون اختيارا لأرشها، ما يحدث ويتولد عنها كالعفو عن الجراحة ويكون عفوا عنها وعما يحدث منها لأن السراية لا تنفك عن الجناية فيكون اختيار الأصل اختيارا للتبع المتولد منه ضرورة لأنه صار قاتلا بتلك الجراحة فظهر أنه اختار إمساك العبد بعد القتل وهو عالم بالقتل كما لو أعتق العبد بعد الجراحة. وجه الاستحسان أن المولى إنما اختار إمساك العبد بمال قليل على حساب أن الجراحة لا تسري فبعد الموت لو لزمه لزمه حكم الاختيار بمال كثير وهو دية واختيار الانسان إمساك العبد بمال قليل لا يكون اختيارا منه بأداء مال كثير لأنه غير راض به، فلو لزمه تضرر به فوجب أن لا يلزمه حكم الاختيار بالدية بخلاف ما لو أعتقه بعد الجراحة ثم مات لأنه لم ينص على اختيار العبد بمال قليل بل اختار إمساك العبد مطلقا. قتل عبد رجلا عمدا وله ولي واحد فطلب الفداء فاختار المولى الفداء عن نصف العبد يصير مختارا للفداء عن الكل لأن في التفريق ضررا عليه فلا يتمكن المولى من ذلك فصار مختارا للفداء عن الكل ضرورة، وإن كان له وليان فاختار الفداء في نصيب أحدهما يصير مختارا للفداء في حق الآخر في عامة الروايات لأن المستحق لموجب الجناية هو الميت لأن الجناية وردت على حقه وأمكن إثبات الملك لموجب الجناية لأن بعد الموت تبقى التركة على حكم الملك، ولهذا لا تنفذ وصاياه وتقضى منها ديونه فوقع الملك للميت أولا ثم انتقل إلى الوارث وكان المستحق لموجب الجناية هذا فيصير مختارا للفداء من الكل ضرورة. وفي رواية كتاب الدر لا يصير مختارا لأن الملك في موجب الجناية يثبت للمولى ابتداء لا الميت ليس بأهل للملك فكان المستحق للجناية اثنين فالتفريق لا يلتحق
(١٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 136 137 139 140 142 147 153 156 157 158 159 ... » »»
الفهرست