تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ١٣٦
رجل فقتله ضمن وإن قاد قطارا فوطىء بعير إنسانا ضمن عاقلة القائد الدية وإن كان معه سائق فعليهما وإن ربط بعيرا على قطار رجع على عاقلة القائد بدية ما تلف به على عاقلة
____________________
عبده وكان لمولى البادئ أن يدفع إليه العبد المدفوع ثانيا إليه عن حقه فلا يفيده الدفع وإنما دفع أرش شجة اللاحق لأنه متى دفع أرش عبد اللاحق فقد طهر البادئ عن الجناية وصار كأنه لم يجن وإنما جنى عليه العبد اللاحق فيخاطب مولى اللاحق بالدفع والفداء وأي ذلك اختار لا يبقى لواحد منهما على صاحبه سبيل لأنه وصل إلى كل واحد منهما حقه. وإن أبى مولى البادئ أن يدفع الأرش فلا شئ له في عتق الآخر فإن مولى البادئ كان مخيرا بين العفو وبين دفع الأرش والمطالبة شجة لعبده، فإذا امتنع من دفع الأرش صار مختارا للعفو وصار كأنه قال عفوتك عن حقي فيبطل حقه. ولو مات اللاحق وبقي البادئ خير مولاه، فإن دفعه بطل حقه، وإن فداه بأرش عبده في الفداء لأن البادئ طاهر عن الجناية لعفو وأحدهما عن جناية نصف العبد ولا يزداد حقه فكذا هذا.
قال رحمه الله: (ولو ساق دابة فوقع السرج على رجل فقتله ضمن) يعني إذا ساق دابة ولها سرج فوقع السرج على رجل فقتله ضمن عاقلته الدية وقد قدمناها بفروعها. قال رحمه الله: (وإن قاد قطارا فوطئ بعير إنسانا ضمن عاقلة القائد الدية) لأن القائد عليه حفظ القطار كالسائق وقد أمكنه التحرز عنه فصار متعديا بالتقصير فيه والتسبب بلفظ التعدي سبب للضمان غيره أن ضمان النفس على العاقلة وضمان المال عليه في ماله. رجل له مزرعة فأكلها جمل غير فأخذه وحبسه في الإصطبل ثم وجد الجمل مكسور الرجل كيف الحكم بينهما في ذلك؟ فقال: إن لم يكسر رجله في حبسه قالوا لا ضمان عليه وقد قالوا الضمان عليه ما لم يسلمه إلى صاحبه والرأي فيه إلى القاضي. قال رحمه الله: (وإن كان معه سائق فعليهما) أي إذا كان مع القائد سائق تجب على عاقلتهما الضمان لاستوائهما في التسبب لأن قائد الواحد قائد الكل، وكذا سائقه لاتصال اللازمة، وأما البعير الذي هو راكبه فهو ضامن لما أصابه فيجب عليه وعلى القائد غير ما أصابه بالابطاء فإن ذلك ضمانه على الراكب وحده لأنه جعل فيه مباشرا حتى جرت عليه أحكام المباشرة على ما بيناه. قال رحمه الله: (وإن ربط بعيرا على قطار رجع على عاقلة القائد بدية ما تلف به على عاقلة الرابط) أي إذا ربط رجل بعيرا على قطار والقائد لذلك القطار لا يعلم فوطئ البعير المربوط إنسانا فقتله فعلى عاقلة القائد ديته لأنه يمكنه أن يصون قطاره عن ربط غيره به فإذا ترك صيانته صار متعديا بالتقصير وهو متسبب وفيه الدية على العاقلة كما في قتل الخطأ ثم يرجعون بها على عاقلة الرابط لأنه هو الذي أوقعهم فيه، وإنما لا يجب الضمان على القائد والرابط ابتداء مع أن كل واحد منهما متسبب لأن القود بمنزلة المباشرة بالنسبة إلى الربط لاتصال التلف به دون الربط فيجب فيه الضمان وحده ثم يرجع به عليه. قالوا: هذا إذا
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 126 128 130 131 133 136 137 139 140 142 147 ... » »»
الفهرست