تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ١٥٧
على سيده ويقاد حنى ما دون مديون خطأ فحرره سيده بلا علم عليه قيمتان قيمة لرب
____________________
أنه إن أريد بقولهم الصلح لا يبطل الجناية بل يقررها أن الصلح لا يسقط موجب الجناية بل يبقيه على حاله فهو ممنوع كيفما كان، وقد صرحوا في صدر كتاب الجنايات بأن موجب القتل العمد القود إلا أن يعفو الأولياء أو يصالحوا فقد جعلوا الصلح كالعفو وفي إسقاط موجب الجنايات، وإن أريد بذلك أن الصلح لا ينافي ثبوت موجب الجناية في الأصل بل يقرر ذلك حيث وقع الصلح عنه على مال، وإن سقوطه بعد تحقق الصلح فهو مسلم لكن لا يتم حينئذ قولهم، فإذا لم تبطل الجناية لم يمنع العقوبة إذا لا يلزم من عدم بطلان الجناية بمعنى ثبوتها في الأصل عدم امتناع العقوبة بعد تحقق الصلح عنها كما هو الحال فيما نحن فيه بل لا يتم حينئذ الفرق رأسا بين صورتي الغد والصلح، والعفو أيضا لا ينافي ثبوت موجب الجناية في الأصل قبل العفو كما لا يخفي.
وأما العفو فهو معدم للجناية والعفو عن القطع وإن بطل بالسراية إلى النفس لكن بقيت شبهته لوجود صورة العفو وهي كافية لدرء الحد، وأما إذا أعتقه فجوابه هو الفرق الذي ذكرناه أن العتق يحصل صلحا ابتداء بخلاف العفو، وعلى قولهما أيضا يرد في الصورتين لأنهما كانا يجعلان العفو عن القطع عفوا عما يحدث منه وفي الصلح لم يجعلا كذلك بل أوجبا القصاص عليه إذا لم يعتقه وجعلاه صلحا مبتدأ إذا أعتقه وقد قدمنا مسائل سراية الجرح فلا نعيدها، والله أعلم.
قال رحمه الله: جنى مأذون مديون خطأ فحرره سيده بلا علم عليه قيمتان قيمة لرب الدين وقيمة لولي الجناية) لأنه أتلف حقين كل واحد منهما مضمون بكل القيمة على الانفراد الدفع على الأولياء والبيع على الغرماء فكذا عند الاجتماع، ويمكن الجمع بين الحقين أيضا من الرقبة الواحدة بأن يدفع إلى ولي الجناية أولا ثم يباع للغرماء فيضمنهما بالتفويت بخلاف ما إذا أتلفه أجنبي والمسألة بحالها حيث يجب عليه قيمة واحدة للمولى بحكم الملك في رقبته فلا يظهر حق الفريقين بالنسبة إلى ملك المالك لأنه دون الملك فصار كأنه ليس فيه حق ثم الغريم أحق بتمليك القيمة لأنها مالية العبد والغريم مقدم في المالية على ولي الجنابة لأن الواجب أن يدفع إليه ثم يباع للغريم فكان مقدما معنى والقيمة هي فتسلم إليه، وفي الفصل الأول كان التعارض بين الحقين وهما متساويان فيضمنهما فيظهران. وقيد بعدم العلم لأنه لو أعتقه وهو عالم بالجناية كان عليه الدية إذا كانت الجناية في النفس لأوليائه وقيمة العبد لصاحب الدين لأن الاعتاق بعد العلم موجب الأرش، والأصل أن العبد إذا جنى وعليه دين خير المولى بين الدفع إلى ولي الجناية والفداء، فإن اختار الدفع إلى ولي الجناية دفع ثم يباع في الدين، فإن فضل شئ فهو لولي الجناية لأنه بدل ملكه وإلا فلا شئ له، وإن بدأ بالدفع جمعا بين الحقين لأنه أمكن بيعه بعد الدفع، ولو بدأ ببيعه في الدين لا يمكن دفعه بالجناية لأنه لم يوجد في يد المشتري جناية، ولا يقال لا فائدة في الدفع إذا كان يباع عليه لأنا نقول:
فائدته ثبوت استخلاص العبد لأن ولي الجناية ثبت له حق الاستخلاص وللانسان أغراض في
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 142 147 153 156 157 158 159 160 161 165 ... » »»
الفهرست