تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ١٤٢
دفعه بالجناية فيملكه أو فداه بأرشها فإن فداه فجنى فهي كالأولى فإن جنى جنايتين
____________________
الشاج نصف عشر قيمته وهو عبد صحيح، وأما حكم الشجة الثالثة فإنه يضمن نصف عشر قيمته وهو مدبر مكاتب مشجوج شجتين، وأما حكم الشجة الرابعة فإنه يضمن ثلث الدية ولا يضمن الأرش، وأما حكم النفس فلا شئ على الشاج بسراية الشجة الأولى والثانية لأن سرايتهما منقطعة عن الجناية بالعتق والكتابة ويضمن للشجة الثالثة ثلث قيمته وهو مدبر مكاتب مشجوج بأربع شجات ولا يضمن ثلث الدية وإن مات حرا لأن ابتداء الشجة لاقى الكتابة، وإنما يضمن ثلث قيمته لاربعها لا الجناية الأولى والثانية حكمهما واحد والشجة الرابعة لاقته وهو حر وموجبها الدية فبان بهذا، واتضح أن النفس إنما تلفت معنى واعتبارا بثلاث جنايات ثلثها بالجناية الأولى وقد هدرت سرايتها وثلثها بالجناية الثالثة وسرايتها معتبرة فيضمن ثلث قيمته مشجوجا بأربع شجاج لأن ثلاث شجاج منها ضمنها مرة فلا يضمن مرة أخرى، وما تلف بالشجة الرابعة يكون مضمونا على الشاج بالشجة الثالثة لأنه مات وهو منقوص بأربع شجات، كذا في المحيط مع اختصار. وفي الذخيرة: أم الولد إذا جنت جناية خطأ فالجواب فيها كالجواب في المدبر على التفصيل المتقدم اه‍.
قال رحمه الله: (جنى عبد خطأ دفعه بالجناية فيملكه أو فداه بأرشها) أي إذا جنى العبد خطأ فمولاه بالخيار إن شاء دفعه إلى ولي الجناية فإن دفعه ملكه ولي الجناية، وإن شاء فداه بأرشها. وقوله خطأ يحترز به من العمد وهذا التقييد إنما يفيد إذا كانت الجناية على النفس لأنها إن كانت عمدا توجب القصاص، وأما إذا كانت على الأطراف لا يفيد التقييد به إذا لا يجري القصاص فيها بين العبيد وبين الأحرار والعبيد. وقال الشافعي رحمه الله: جناية العبد تتعلق برقبته يباع فيها إلا أن يقضى المولى الأرش. وثمرة الخلاف تظهر في اتباع الجاني عنده وعندنا لا يتبع لا في حالة الرق ولا بعد الحرية، والمسألة مختلفة بين الصحابة رضي الله عنهم، فعن ابن عباس مثل مذهبنا، وعن عمر وعلي مثل مذهبه، له أن الأصل في موجب الجناية أن يجب على الجاني لأنه المتعدي قال الله تعالى * (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) * (البقرة: 194) إلا أن العاقلة تتحمل عنه ولا عاقلة للعبد فيجب في ذمته كما في الذمي ويتعلق برقبته ويباع فيه كما في الجناية على المال. ولنا أن المستحق بالجناية على النفوس نفس الجاني إذا أمكن إلا أن استحقاق النفس قد يكون بطريق الاتلاف عقوبة وقد يكون بطريق التملك والعبد من أهل أن يستحق نفسه بالطريقين فتصير نفسه مستحقة للمجني عليه صيانة عن الهدر إلا أن يختار المولى الفداء فيكون له ذلك لأنه ليس فيه إبطال حق المجني عليه بل مقصود المجني يحصل بذلك بخلاف إتلاف المال فإنه لا يستحق به نفس الجاني أبدا، ولان الأصل في موجب الجناية خطأ أن يتباعد عن الجاني لكونه معذورا ولكون الخطأ مرفوعا شرعا ويتعلق بأقرب الناس إليه تخفيفا عن المخطئ وتوقيا عن الاجحاف إلا أن عاقلة العبد
(١٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 136 137 139 140 142 147 153 156 157 158 ... » »»
الفهرست