تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ١٢٢
فصل حائط مال إلى طريق العامة ضمن ربه ما تلف به من نفس أو مال إن طالب بنقضه مسلم أو ذمي ولم ينقضه في مدة يقدر على نقضه وإن بناه مائلا ابتداء ضمن ما تلف
____________________
يصلي فيه وإن كان القاعد مشتغلا بذكر الله تعالى أو بالتدريس أو معتكفا وليس لأحد أن يزعج المصلي من مكانه الذي سبق إليه لما أنه بنى لها، واسمه يدل عليه لأن المسجد اسم لموضع السجود، وفي العادة أيضا لا يعرف بناء المسجد إلا للصلاة فإذا كان كذلك فلا بد من إظهار التفاوت بينهما فكان الكون فيه في حق الصلاة مباحا مطلقا من غير تقييد بشرط السلامة، وفي حق غيرها مقيد بشرط السلامة ليظهر التفاوت بين الأصل وبين التبع ولا يبعد أن يكون الفعل قربة مقيدا بشرط السلامة ألا ترى أن من وقف في الطريق لاصلاح ذات البين قربة في نفسه ومع هذا مقيد بالسلامة في الصحيح. وذكر صدر الاسلام أن الأظهر ما قالاه لأن الجلوس من ضرورة الصلاة فيكون ملحقا بها لأن ما ثبت ضرورة لشئ يكون حكمه كحكمه. وفي العيني على الهداية: وبه أخذ مشايخنا. وفي الذخيرة: بقولهما يفتي.
وذكر شمس الأئمة أن الصحيح من مذهب أبي حنيفة أن الجالس لانتظار الصلاة لا يضمن وإنما الخلاف في عمل لا يكون له اختصاص بالمسجد كقراءة القرآن ودرس الفقه والحديث والله أعلم.
فصل وفي الحائط المائل: لما ذكر رحمه الله تعالى أحكام القتل الذي يتعلق بالانسان مباشرة وتسببا شرع في بيان أحكام القتل الذي يتعلق بالجماد وهو الحائط المائل، وكان من حقها أن تؤخر عن مسائل جميع الحيوانات تقديما للحيوان على الجماد إلا أن الحائط المائل لما ناسب الجرصن والروشن والجناح والكنيف وغيرها ألحق مسائلة بها، ولهذا عبر بلفظ الفصل لا بلفظ الباب، كذا في النهاية وغيرها. قال رحمه الله: (حائط مال إلى طريق العامة ضمن ربه ما تلف به من نفس أو مال إن طالب بنقضه مسلم أو ذمي ولم ينقضه في مدة يقدر على نقضه) وهذا استحسان. والقياس أن لا يضمن وهو قول الشافعي رحمه الله تعالى لأنه لم يوجد منه صنع هو فعل ولا مباشرة علة ولا مباشرة شرط أو سبب والضمان باعتبار ذلك فصار كما إذا لم يشهد عليه وبطل نقضه منه. ووجه الاستحسان ما روي عن علي وعن شريح والنخعي وغيرهم من أئمة التابعين ما قلناه، ولان الحائط لما مال فقد أشغل هواء الطريق بملكه ورفعه في قدرته، فإذا طولب برفعه لزمه ذلك، فإذا امتنع مع التمكن منه صار متعديا فيلزمه موجبه، ولان الضرر الخاص يجب تحمله لدفع الضرر العام كالكفار إذا تترسوا بالمسلمين ثم ما تلف به من النفوس تحمله العاقلة لئلا يؤدي إلى الاجحاف. وقال محمد: لا تتحمل العاقلة
(١٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 117 119 121 122 125 126 128 130 131 ... » »»
الفهرست