تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ٩٠
والباضعة والمتلاحمة والسمحاق حكومة عدل ولا قصاص في غير الموضحة وفي أصابع
____________________
فصل الشجاج باعتبار ذلك فلا يكون ذكرها في مسائل الشجاج فيما وقع اتفاقا بخلاف سائر الشجاج فإنه حيث لا يكون إلا في الرأس والوجه، وقيل لا تتحقق الجائفة فيما فوق الحلق.
قال رحمه الله: (وفي الخارصة والدامعة والدامية والباضعة والمتلاحمة والسمحاق حكومة عدل) لأن هذه ليس فيها أرش مقدر من جهة الشرع ولا يمكن إهدارها فيجب فيها حكومة عدل، وهو مأثور عن إبراهيم النخعي وعمر بن عبد العزيز. واختلفوا في تفسير هذه الحكومة قال الطحاوي: تفسيرها أن يقوم مملوكا بدون هذا الأثر ثم يقوم وبه هذا الأثر ثم ينطر إلى تفاوت ما بينهما، فإن كان ثلث عشر القيمة مثلا يجب ثلث عشر الدية، وإن كان ربع عشر القيمة يجب ربع عشر الدية. وقال الكرخي: ينظركم مقدار هذه الشجة من الموضحة فيجب بقدر ذلك من نصف عشر الدية لأن ما لا نص فيه يرد إلى المنصوص عليه، وكان الكرخي رحمه الله يقول: ما ذكره الطحاوي ليس بصحيح لأنه اعتبر ذلك الطريق فربما يكون نقصان القيمة أكثر من نصف الدية فيؤدي إلى أن يوجب في هذه الشجاج وهو دون الموضحة أكثر مما أوجبه الشرع في الموضحة وأنه محال بل الصحيح الاعتبار بالمقدار. وقال الصدر الشهيد: ينظر المفتي في هذا إن أمكنه الفتوى بالثاني بأن كانت الجناية في الرأس والوجه يفتي بالثاني وإن لم يتيسر عليه ذلك يفتي بالقول الأول لأنه الأيسر قال، وكان المرغيناني يفتي به. وقال في المحيط: والأصح أنه ينظركم مقدار هذه الشجة من أقل شجة لها أرش مقدر، فإن كان مقداره مثل نصف شجة لها أرش أو ثلثها وجب نصف أو ثلث أرش تلك الشجة، وأن ربعا فربع، ذكره بعد ذكر القولين فكأنه جعله قولا ثالثا والأشبه أن يكون هذا تفسيرا لقول الكرخي. وقال شيخ الاسلام: وقول الكرخي أصح لأن عليا اعتبره بهذا الطريق فيمن قطع طرف لسانه على ما بيناه. قال رحمه الله: (ولا قصاص في غير الموضحة) لأنه لا يمكن اعتبار المساواة فيه لأن ما دون الموضحة ليس له حد ينتهي إليه السكين وما فوقها كسر العظم ولا قصاص فيه لقوله عليه الصلاة والسلام لا قصاص في العظم وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله. وفي ظاهر الرواية يجب القصاص فيما دون الموضحة، ذكره محمد رحمه الله في الأصل وهو الأصح لأنه ممكن فيه اعتبار المساواة فيه إذ ليس فيه كسر العظم ولا خوف التلف فيستر قدرها اعتبارا ثم يتخذ حديدة بقدر ذلك فيقطع بها مقدار ما قطع فيتحقق استيفاء القصاص بذلك، وفي الموضحة القصاص إن كانت عمدا لما روي أنه عليه الصلاة والسلام قضى بالقصاص في الموضحة لأن المساواة فيها ممكنة بانتهاء السكين إلى العظم فيتحقق استيفاء القصاص. قال رحمه الله: (وفي أصابع اليد نصف الدية) أي أصابع اليد الواحدة لأن في كل أصبع عشرة من الإبل لما روينا فيكون في الخمسة خمسون ضرورة وهو النصف، ولان بقطع الأصابع تفوت منفعة البطش وهو الموجب على ما
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 82 84 85 89 90 91 92 93 96 97 ... » »»
الفهرست