تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ٩٧
أخرى أو قطع المفصل إلا على فشل ما بقي أو كل اليد أو كسر نصف سنة فاسود ما بقي فلا قود وإن قلع سنة فنبت مكانها أخرى سقط الأرش وإن أقيد فنبتت سن الأول
____________________
الحس بخلاف البصر فإن محله ظاهر مشاهد فيندفع النظر كما ترى. قال رحمه الله: (ولو شجه موضحة فذهبت عيناه أو قطع أصبعا فشلت أخرى أو قطع المفصل الاعلى فشل ما بقي أو كل اليد أو كسر نصف سنة فاسود ما بقي فلا قود) وهذا كله قول أبي حنيفة مطلقا. وقالا:
يجب القصاص في الموضحة والدية في العينين فيما إذا شجه موضحة فذهبت عيناه، وكذا إذا قطع أصبعا فشلت أخرى بجنبها يقتص للأولى ويجب الأرش للأخرى، وعنده لما لم يجب القصاص في العضوين يجب أرش كل واحد منهما كاملا وإن كان عضوا واحدا كقطع الإصبع من المفصل الاعلى فشل ما بقي منها يكتفي بأرش واحد إن لم ينتقع بما بقي، وإن كان ينتقع به يجب دية المقطوع وتجب حكومة عدل في الباقي بالاجماع، وكذا إذا كسر نصف السن واسود ما بقي أو اصفر أو احمر يجب السن كله بالاجماع. ولو قال اقطع المفصل الاعلى واترك ما بقي أو قال اكسر القدر المكسور من السن واترك الباقي لم يكن له ذلك لأن الفعل في نفسه لم يقع موجبا للقود فصار كما إذا شجه منقلة فقال اشجه موضحة وأترك الباقي ليس له ذلك. والأصل عنده أن الفعل الواحد إذا أوجب مالا في البعض سقط القصاص سواء كانا عضوين أو عضوا واحدا لا يجب لهما. وفي الخلاصة: إن الفعل في محلين مختلفين فيكون جنايتين لأن الفعل يتعدد بتعدد أثره فصار كجنايتين مبتدأتين فالشبهة في أحدهما لا يتعدى إلى الآخر. ولأبي حنيفة أن الجزاء بالمثل والجرح الأول سار وليس وسعه الساري فيسقط القصاص ويجب المال، والدليل على أنه سار إن فعله أثر في نفس واحدة والسراية عبارة عن إيلام يتعاقب عن الجناية على البدن ويتحقق ذلك في موضعين منهما كما يتحقق في الأطراف مع النفس بأن مات من الجناية بخلاف نفسين فإن الفعل في النفس الثانية مباشرة على حدة ليس بسراية الأولى أو نقول: إن ذهاب البصر ونحوه جعل بطريق التسبب فإن الفعل باق على اسمه لم يتغير، والأصل في سراية الافعال أن لا يبقى الأول بعد حدوث السراية كالقطع إذا سرى إلى النفس صار قتلا فلم يبق قطعا، وههنا الشجة أو القطع لم ينعدم بذهاب البصر ونحوه فكان الفعل الأول تسببا إلى فوات البصر ونحوه بمنزلة حفر البئر والتسبب لا يوجب القصاص. وعن محمد رحمه الله في المسألة الأولى وهي ما إذا اشجه موضحة فذهب بصره أنه يجب القصاص منهما رواية ابن سماعة عنه، ووجهه أن سراية الفعل انتسب إلى فاعله شرعا حتى يجعل الفاعل مباشرا للسراية فيؤخذ به كما لو سرى إلى النفس فإنه يجب ويعتبر قتلا بطريق المباشرة بخلاف ما لو قطع أصبعا فشلت بجنبها أخرى أو شجه موضحة فذهب عقله أو كلامه لا يجب القصاص في السمع والكلام والشلل لعدم الامكان، وفي البصر يجب لامكان الاستيفاء ألا ترى أنه لو أذهبه وحده بفعل مقصود منه
(٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 96 97 98 99 100 101 102 ... » »»
الفهرست