تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ٩٩
أرش ولا قود بجرح حتى يبرأ وكل عمد سقط فيه قوده لشبهة كقتل الأب ابنه عمدا ففيه دية في مال القاتل وكذا ما وجب صلحا أو اعترافا أو لم يكن نصف العشر وعمد
____________________
أن يقيم الضارب البينة أنه بغيره. قال رحمه الله: (وإن شج رجلا فالتحم ولم يبق له أثر أو ضرب فجرح فبرأ وذهب أثره فلا أرش) وهذا قول أبي حنيفة رحمه الله. وقال أبو يوسف رحمه الله: عليه أرش الألم وهو حكومة عدل لأن الشين الموجب إن زال فالألم الحاصل لم يزل. وقال محمد رحمه الله: عليه أجرة الطبيب لأن ذلك أثر فعله فكان له أخذ ذلك من ماله واعطاؤه الطبيب، وفي شرح الطحاوي فسر قول أبي يوسف عليه أرش الألم بأجرة الطبيب والمداواة فعلى هذا الاختلاف بين أبي يوسف ومحمد. ولأبي حنيفة رحمه الله أن الموجب هو الشين الذي يلحقه بفعله وزوال منفعته وقد زال ذلك بزوال أثره والمنافع لا تتقوم إلا بالعقد كالإجارة والمضاربة الصحيحين أو ما يشبه العقد كالفاسد منهما ولم يوجد شئ من ذلك في حق الجاني فلا يلزم الغرامة، وكذلك مجرد الألم لا يوجب شيئا لأنه لا قيمة له بمجرد الألم ألا ترى أن من ضرب إنسانا ضربا مؤلما من غير جرح لا يجب عليه شئ من الأرش، وكذا لأن لو شتمه شتما يؤلم نفسه لا يضمن شيئا. قال رحمه الله: (ولا قود بجرح حتى يبرأ) وقال الشافعي رحمه الله: يقتص منه في الحال لأن الموجب قد تحقق فلا يؤخر كما في القصاص في النفس. ولنا ما روي أنه عليه الصلاة والسلام نهى أن يقتص من جرح حتى يبرأ صاحبه.
رواه أحمد والدار قطني. ولان الجراحات يعتبر فيها مالهما لاحتمال أن تسري إلى النفس فيظهر أنه قتل فلا يعلم أنه جرح إلا بالبرء فيستقر به. قال رحمه الله: (وكل عمد سقط فيه قوده لشبهة كقتل الأب ابنه عمدا ففيه دية في مال القاتل وكذا ما وجب صلحا أو اعترافا أو لم يكن نصف العشر) أي نصف عشر الدية لما روي عن ابن عباس موقوفا ومرفوعا لا تعقل العاقلة عمدا ولا عبدا ولا صلحا ولا اعترافا، ولان العاقلة تتحمل عن القاتل تخفيفا عنه وذلك يليق بالمخطئ لأنه معذور دون المتعمد لأنه يوجب التغليظ، والذي وجب بالصلح إنما وجب بعقده والعاقلة لا تتحمل ما يجب العقد وإنما تتحمل ما يجب بالقتل، وكذا ما لزمه بالاقرار لا تتحمله العاقلة لأن له ولاية على نفسه دون عاقلته فيلزمه دونهم. وإنما لا تتحمل أقل من نصف عشر الدية لأنه لا يؤدي إلى الاجحاف والاستئصال بالجاني والتأجيل تحرزا عنه فلا حاجة إليه، ثم الكل يجب مؤجلا إلى ثلاث سنين إلا ما وجب بالصلح فإنه يجب حالا لأنه واجب بالعقد فيكون حالا بخلاف غيره وما دونه أرش الموضحة يجب في سنة لا ما دون ثلث الدية والثلث وما دونه يجب في سنة. وقال الشافعي رحمه الله: ما وجب بقتل الأب ابنه يجب حالا لأن القصاص سقط شرعا إلى بدل فيكون ذلك البدل حالا كسائر المتلفات. ولنا أن المتلف ليس بمال وما ليس بمال لا يضمن بالمال أصلا لأنه ليس بقيمة إذ لا تقوم مقامه وقيمة الشئ ما يقوم مقامه، وإنما عرفنا تقومه بالمال بالشرع والشرع إنما قومه بدية مؤجلة
(٩٩)
مفاتيح البحث: القتل (1)، الدية (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 96 97 98 99 100 101 102 104 105 ... » »»
الفهرست