تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ٣٢٧
ولا يتجر في ماله.
____________________
قال رحمه الله: (وبيعه على الكبير غير العقار) أي بيع الوصي على الكبير الغائب جائز في كل شئ إلا في العقار لأن الأب لا يلي العقار لأن الأب لا يلي العقار ويلي ما سواه فكذا وصيه لأنه قائم مقامه، وكان القياس أن لا يملك الوصي غير العقار أيضا ولا الأب كما لا يملك على الكبير الحاضر إلا أنه لما كان فيه حفظ ماله جاز استحسانا فيما يخاف عليه الفساد لأن حفظ ثمنها أيسر وهو يملك الحفظ، وأما العقار فمحفوظ بنفسه فلا حاجة فيه للبيع.
ولو كان عليه دين باع العقار، ثم إن كان الدين مستغرقا باع كله بالاجماع، وإن لم يكن مستغرقا بقدر الدين عندهما لعدم الحاجة إلى الأكثر من ذلك، وعند أبي حنيفة جاز له أن يبيع كله لأنه يبيعه بحكم الولاية فإذا ثبت في البعض ثبت في الكل لأنها لا تتجزئ، ولو كان يخاف هلاك العقار ويملك بيعه لأنه تعين حفظا للمنقول والأصح أنه لا يملك لأنه نادر.
وقال في الغاية: فإن قلت علم حكم ما إذا كان الكل كبارا غيبا أو الكل صغارا بقي حكم ما إذا كان بعضهم كبارا وبعضهم صغارا قال في المحيط: وإن كانت الورثة صغارا وكبارا وعلى الميت دين أو أوصى لوصيه بيع العروض والعقار عند أبي حنيفة، وعندهما يبيع المنقول وحصة الصغير في العقار، وأما حصة الكبار الحضر فلا يملك بيعها وإن كانوا غائبين فيملك وقد تقدم بيانه. قال رحمه الله: (ولا يتجر في ماله) أي الوصي لا يتجر في مال اليتيم لأن المفوض إليه الحفظ دون التجارة. فإن قلت: هذه العبارة على إطلاقها غير صحيحة لأن المنقول في جامع الفصولين وفي غيره أن للوصي أن يتجر في مال اليتيم وينبغي أن يكون المراد ولا يتجر لنفسه في مال اليتيم كما صرح به قاضيخان، ووصي الأخ والعم والام في مال تركتهم ميراثا للصغير بمنزلة وصي الأب في الكبير الغائب بخلاف مال آخر للصغير غير ما تركه الموصي حيث لا يملك الوصي بيعه لأن الوصي قائم مقام الموصي وهو الأخ ومن بعده وليس لواحد منهم التصرف في مال الصغير فكذا وصيهم بخلاف الأب والجد حيث يكون لهم ولاية التصرف في مال الصغير مطلقا من غير تقييد فيما تركه ميراثا فكذا وصيه يملك ذلك، ويشهد للقيد الذي ذكرناه ما في المبسوط: وللوصي أن يأخذ مال الصغير مضاربة لأنها تجارة وليس له أن يؤاجر نفسه من اليتيم لأن القيام بمصالح اليتيم واجب على الوصي فلا حاجة إلى استئجاره. وصي كان في يده ألف درهم لأخوين فقال دفعت إلى أحدهما نصيبه وكذبه المدفوع إليه فالباقي بينهما نصفان ولا يضمن الوصي لأنه أمين فيه وهو مسلط على الدفع والرد فيصدق فيه. وصي عنده ألفان ليتيمين فأدركا فدفع إلى أحدهما ألفا وصاحبه الآخر حاضر وجحد القابض القبض منه يغرم الوصي خمسمائة بينهما لأن قسمته لا تجوز، ولو كان القابض مقرا كان للآخر أن يأخذ منه خمسمائة، وإن شاء ضمن الوصي ورجع بها عليه لأنها لما لم تجر القسمة بقي الآخر شريكا فيما قبضه صاحبه فله أن يأخذ نصيبه
(٣٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 315 320 322 323 325 327 329 330 331 334 335 ... » »»
الفهرست